أعتقت من أموالهم ما استعبدوا ... وملكتُ رقهم وهم أحرارُ
حتى غدا من كان منهم مالكا ... متمنياً لو أنه دينار
ثم دخلت سنة اثنتين وثلاثين ومائة، في هذه السنة، سار قحطبة في جيش كثيف من خراسان، طالباً يزيد بن هبيرة أمير العراق، من جهة مروان، آخر خلفاء بني أمية، وسار حتى قطع الفرات، والتقيا، فانهزم ابن هبيرة، وعدم قحطبة، فقيل غرق، وقيل وجد مقتولاً، وقام بالأمر بعده ابنه الحسن بن قحطبة.
خلفاء بني العباس
أبو العباس السفاح
وفي هذه السنة بويع أبو العباس السفاح، واسمه عبد الله بن محمد بن علي ابن عبد الله بن العباس بالخلافة، في ربيع الأول، وقيل في ربيع الآخر بالكوفة، بعد مسيره من الحميمة، وكان سبب مسيره من الحميمة، وكان مقامه بها، أن إِبراهيم الإمام لما أمسكه مروان، نعى نفسه إِلى أهل بيته، وأمرهم بالمسير إلى أهل الكوفة، مع أخيه أبي العباس السفاح، وبالسمع له والطاعة، وأوصى إِبراهيم الإمام بالخلافة إِلى أخيه السفاح، وسار أبو العباس السفاح بأهل بيته، منهم أخوه أبو جعفر المنصور، وغيره، إِلى الكوفة، فقدم إليها في صفر، واستخفى إِلى شهر ربيع الأول، فظهر وسلم عليه الناس بالخلافة، وعزره في أخيه إبراهيم الإمام، ودخل دار الإمارة بالكوفة، صبيحة يوم الجمعة، ثاني عشر ربيع الأول من هذه السنة، أعني سنة اثنتين وثلاثين ومائة.
ثم خرج إِلى المسجد، فخطب وصلى بالناس، ثم صعد إِلى المنبر ثانياً، وصعد عمه داود بن علي، فقام دونه، وخطبا الناس، وحضاهم على الطاعة ثم نزل السفاح وعمه داود بن علي أمامه، حتى دخل القصر، وأجلس أخاه أبا جعفر المنصور في المسجد، يأخذ له البيعة على الناس، ثم خرج السفاح فعسكر بحمام أعين واستخلف على الكوفة وأرضها، عمه داود بن علي، وحاجب السفاح يومئذ عبد الله ابن بسام.
ثم بعث السفاح عمه عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس إلى شهرزور، وأهلها مذعنون بالطاعة لبني العباس، وبها من جهة بني العباس أبو عون، عبد الملك بن يزيد الأزدي.
وبعث ابن أخيه عيسى بن موسى بن محمد، إِلى الحسن بن قحطبة، وهو يومئذ يحاصر ابن هبيرة بواسط.
وبعث يحيى بن جعفر بن تمام بن عباس، إِلى حميد بن قحطبة، أخي الحسن بن قحطبة بالمدائن، وأقام السفاح في العسكر أشهراً، ثم ارتحل فنزل المدينة الهاشمية، وهي هاشمية الكوفة، بقصر الإِمارة.
هزيمة مروان بالزاب
[وأخباره إلى أن قتل]
كان مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، آخر خلفاء بني أمية، وكان يقال له مروان الجعدي، وحمار الجزيرة أيضاً، بحران، فسار منها طالباً أبا عون، عبد الملك بن يزيد الأزدي، المستولي على شهرزور من جهة بني العباس،