للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قام فيهم أخوه الحسين، وتسمى بأحمد، وأظهر شامة في وجهه، وزعم أنها آيته، وكثر جمعه، فصالحه أهل دمشق على مال دفعوه إِليه، فانصرف عنهم إلى حمص، فغلب عليها، وخطب له على منابرها، وتسمى بالمهدي أمير المؤمنين، وعهد إِلى ابن عمه عبد الله، ولقبه المدثر، وزعم أنه المدثر الذي في القرآن، ثم سار إِلى حماة والمعرة وغيرهما، فقتل أهلها، حتى قتل الأطفال والنساء، وسار إلى سلمية، فأخذها بالأمان، ثم قتل أهلها حتى صبيان المكتب، ولما اشتد أمر القرمطي صاحب الشامة المذكور، خرج المكتفي من بغداد، ونزل الرقة، وأرسل إِليه الجيوش.

ثم دخلت سنة إِحدى وتسعين ومائتين: في هذه السنة واقعت عساكر الخليفة صاحب الشامة القرمطي، وأصحابه، بمكان بينه وبين حماة اثنا عشر ميلا، لست خلون من المحرم، فانهزمت القرامطة، وتبعهم العسكر يقتلونهم، وهرب صاحب الشامة ومعه ابن عمه المدثر، وغلام له رومي، فأمسكوا في البرية، وأحضروا إِلى المكتفي، وهو بالرقة، فسار بهم إِلى بغداد وقتلهم، وطيف برأس صاحب الشامة. ومن كتاب الشريف العابد أنّ المكان الذي كان فيه الوقعة المذكورة هو تمنع أقول: وهي قرية من بلاد المعرة، على الطريق الآخذة من حماة إِلى حلب، وفيها توفي ببغداد أبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد، المعروف بثعلب، كان إِمام الكوفيين في النحو واللغة، ثقة حجة، صالحاً، وولد في أول سنة مائتين.

ثم دخلت سنة اثنتين وتسعين ومائتين.

استيلاء المكتفي على الشام ومصر

[وانقراض ملك بني طولون]

في هذه السنة، بعث المكتفي جيشاً مع محمد بن سليمان، فاستولى على دمشق، وسار حتى دنا من مصر، وصاحبها هارون بن خمارويه، ففارقه غالب قواده، ولحقوا بعسكر الخليفة، وخرج هارون فيمن بقي معه، وجرى بينه وبين محمد بن سليمان وقعات، ثم وقع في عسكر هارون خصومة، وأدت إِلى قتال، فركب هارون ليُسكن الفتنة، فزرقه بعض المغاربة بمزراق فقتله، ولما قتل هارون قام عمه شيبان بالأمر، ثم طلب الأمان من محمد بن سليمان فأمنه، ثم هرب شيبان تحت الليل، فلم يوجد، واستولى محمد بن سليمان على مصر، وأمسك بني طولون، وكانوا بضعة عشر رجلاً، واستصفى ما لهم وقيدهم وحملهم إِلى بغداد، وكتب إِلى المكتفي بالفتح، وكان ذلك في صفر من هذه السنة.

ثم دخلت سنة ثلاث وتسعين ومائتين.

أخبار القرامطة في هذه السنة بعد استيلاء عسكر الخليفة على مصر، وتوجه محمد بن سليمان عنها، خرج ببلاد مصر خارجي يدعى الخلنجي، وقويت شوكته، فسار إِليه عامل دمشق، أحمد بن كيغلغ، وطمعت القرامطة في دمشق، بحكم غيبة عاملها، وقصدوها، فهبوا وقتلوا ونهبوا طبرية، ثم ساروا إِلى جهة الكوفة، فسير المكتفي إِليهم عسكراً مع قواده المختصين به، مثل رصيف

<<  <  ج: ص:  >  >>