وعمه علي، البريد إلى مصر ثم مسيرهما من مصر مع السلطان الملك الأشرف إلى الشام، والقبض على أولاد عيسى:
وفي هذه السنة في جمادى الأولى، أرسل السلطان الملك الأشرف، وأحضر الملك المظفر محمود صاحب حماة، وعمه الملك الأفضل علي، على البريد إلى الديار المصرية، فتوجها من حماة وعندهما الخوف، بسبب طلبهما على البريد، ووصلا إلى قلعة الجبل في اليوم الثامن من خروجهما من حماة، فحال وصولهما، شملتهما صدقات السلطان، وأمر بهما فأدخلا الحمام بقلعة الجبل،، وأنعم عليهما بملبوس يليق بهما، وأقاما في الخدمة أياماً.
ثم خرج السلطان على الهجن إلى جهة الكرك، وسارت العساكر على الطريق إلى دمشق، وأركب صاحب حماة وعمه الهجن صحجته، لأنهما حضرا إلى مصر على البريد، ولم يكن معهما خيل ولا غلمان، فرسم السلطان لهما ما يليق بهما من الهجن والغلمان، ورتب لهما المأكول والمشروب وما يحتاجان إليه، وسارا في خدمته إلى الكرك، ولاقتهما تقادمهما إلى بركة زيزا، فقدماها، وقبلها السلطان، وأنعم عليهما، وسار السلطان ودخل دمشق.
ثم سار السلطان من دمشق على البرية متصيداً، ووصل إلى الفرقلس، وهو جفار في طرف بلد حمص من الشرق، ونزل عليه وحضر إلى الخدمة هناك مهنا بن عيسى أمير العرب، وأخواه محمد، وفضل، وولده موسى بن مهنا، فقبض السلطان على الجميع وأرسلهم إلى مصر، فحبسوا في قلعة الجبل، ووصل السلطان إلى القصب، وأعطى صاحب حماة الدستور، فحضر إلى بلده، وأما عمه الملك الأفضل، فإنه كان قد حصل له تشويش، لما كان السلطان بحنيجل وما حواليها، فأعطاه السلطان الدستور، وأرسل والدي الملك الأفضل المذكور تقدمة ثانية معي إلى السلطان، ولم يقدر والدي على الحضور بسبب مرضه، فأحضرت التقدمة إلى السلطان الملك الأشرف، وهو نازل على القصب، فقبلها وارتحل وعاد إلى مصر، فوصل إليها في رجب من هذه السنة.
[ذكر مسير العساكر إلى حلب]
وفى هذه السنة بعد وصول السلطان إلى مصر، كان قد أخر بعض العسكر المصري على حمص، فتقدم إليهم وإلى صاحب حماة وعمه الملك الأفضل بالمسير إلى حلب، والمقام بها، لما في ذلك من إرهاب العدو، فسارت العساكر إليها، وخرج الملك المظفر محمود صاحب حماة، وعمه الملك الأفضل، معهم، من حماة، يوم الجمعة الخامس والعشرين من شعبان هذه السنة، ودخلوا حلب يوم الثلاثاء التاسع من سلخ شعبان إلى أوائل ذي القعدة، دخل تشرين، وآن وقت الصيد، وصل مرسوم.