وبقي الدكز أتابك أرسلان وابنه البهلوان، وهو أخو أرسلان لأمه حاجبه، وكان هذا الدكز أحد مماليك السلطان مسعود، اشتراه في أول أمره، ثم أقطعه آران وبعض بلاد أذربيجان، فعظم شأنه وقوي أمره، ولما خطب لأرسلان شاه بالسلطنة في تلك البلاد، أرسل الدكز إلى بغداد يطلب الخطبة لأرسلان شاه بالسلطنة، على عادة الملوك السلجوقية، فلم يجب إلى ذلك، ونحن قد قدمنا ذكر موت سليمان وولاية أرسلان ليتصل ذكر الحادثة، وهي في الكامل مذكورة في موضعين، في سنة خمس وسنة ست وخمسمائة.
ذكر وفاة الفائز وولاية العاضد العلويين في هذه السنة توفي الفائز بنصر الله أبو القاسم عيسى بن إسماعيل الظافر، خليفة مصر، وكانت خلافته ست سنين ونحو شهرين، وكان عمره لما ولي ثلاث سنين، وقيل خمس سنين، ولما مات دخل الصالح بن رزيك القصر، وسأل عمن يصلح، فأحضر له منهم إنسان كبير السن، فقال بعض أصحاب الصالح له سراً: لا يكون عباس أحزم منك. حيث اختار الصغير، فأعاد الصالح الرجل إلى موضعه، وأمر بإحضار العاضد لدين الله أبي محمد عبد الله بن الأمير يوسف بن الحافظ، ولم يكن أبوه خليفة، وكان العاضد ذلك الوقت مراهقاً، فبايع له بالخلافة، وزوجه الصالح بابنته، ونقل معها من الجهاز ما لا يسمع بمثله.
وفاة المقتفي لأمر الله في هذه السنة ثاني ربيع الأرل، توفي الخليفة المقتفي لأمر الله أبو عبد الله محمد بن المستظهر أبي العباس أحمد، بعلة التراقي، وكان مولده ثاني ربيع الآخر، سنة تسع وثمانين وأربعمائة، وأمه أم ولد، وكانت خلافته أربعاً وعشرين سنة، وثلاثة أشهر وستة عشر يوماً، وكان حسن السيرة، وهو أول من استبد بالعراق منفرداً عن سلطان يكون معه، وكان يبذل الأموال العظيمة لأصحاب الأخبار في جميع البلاد، حتى كان لا يفوته منها شيء.
[خلافة المستنجد]
وهو ثاني ثلاثينهم ولما توفي المقتفي لأمر الله محمد، بويع ابنه يوسف، ولقب المستنجد بالله، وأم المستنجد أم ولد تدعى طاووس، ولما بويع المستنجد بالخلافة، بايعه أهله وأقاربه، فمنهم عمه أبو طالب، ثم أخوه أبو جعفر بن المقتفي، وكان أكبر من المستنجد، ثم بايعه الوزير ابن هبيرة، وقاضي القضاة وغيرهم.