حصن الأثارب إلى الفرنج ليهادنوه على حلب، لعجزه عن مقاومتهم. وفيها سار بلك بن بهرام بن أرتق إلى حران وملكهما، ثم بلغه عجز ابن عمه سليمان عن حلب، فسار إلى حلب وملكها في جمادى الأولى.
وفيها استولى الفرنج على خرتبرت وكان بها جوسلين وغيره من الفرنج محبوسين، وخلصوهم من خرتبرت، وكانت لبلك، ثم سار إليها بلك واسترجعهما من الفرنج.
وفيها توفي قاسم بن هاشم العلوي الحسني، أمير مكة، شرفها الله تعالى، وولي بعده ابنه أبو فليتة وفيها سار طغتكين صاحب دمشق إلى حمص، وهجم المدينة ونهبها وحصر صاحبها قيرخان بن قراجا بالقلعة، ثم رحل عنه وعاد إلى دمشق.
وفيها سار الأمير محمود بن قراجا صاحب حماة إلى أفامية، وهجم ربضها فأصابه سهم من القلعة في يده فعاد إلى حماة وعملت عليه يده فمات من ذلك، واستراح أهل حماة من ظلمه، فلما سمع طغتكين الخبر، أرسل إلى حماة عسكراً وملكها، وصارت حماة من جملة بلاده، وفيها توفي أحمد بن محمد بن علي، المعروف بابن الخياط الشاعر الدمشقي وله أشعار فائقة منها قصيدته التي منها:
سلوا سيف ألحاظه الممتشق ... أعند القلوب دم للحدق
من الترك ما سهمه إذ رمي ... بأفتك من طرفه إذ رمق
ومنها:
وللحب ما عزمني وهان ... وللحسن ما جل منه ودق
وكانت ولادته في سنة خمس وأربعمائة بدمشق رحمه الله تعالى.
ثم دخلت سنة ثماني عشرة وخمسمائة.
[ذكر قتل بلك:]
في هذه السنة قتل بلك بن بهرام بن أرتق صاحب حلب، وسببه أنه قبض على الأمير حسان البعلبكي صاحب منبج، وسار إلى منبج فملك المدينة وحصر القلعة، فبينما هو يقاتل إذ أتاه سهم فقتله لا يدري من رماه، فاضطرب عسكره وتفرقوا، وخلص حسان صاحب منبج وعاد إليها وملكها وكان في جملة عسكر بلك ابن عمه تمرتاش بن أيلغازي بن أرتق صاحب ماردين، فحمل بلك مقتولاً إلى حلب وتسلمها واستقر تمرتاش في ملك حلب في عشرين من ربيع الأول من هذه السنة، ورتب أمرها وعاد إلى ماردين.
وفي هذه السنة ملك الفرنج مدينة صور بعد حصار طويل، وكانت للخلفاء العلويين أصحاب مصر، وكان ملكها بالأمان، وخرج المسلمون منها في العشرين من جمادى الأولى بما قدروا على حمله من أموالهم.
وفيها اجتمعت الفرنج وانضم إليهم دبيس بن صدقة وحاصروا حلب، وأخذوا في بناء بيوت لهم بظاهرها فعظم الأمر على أهلها، ولم ينجدهم صاحبها تمرتاش لإيثاره الرفاهة والدعة، فكاتب أهل حلب أقسنقر البرسقي صاحب الموصل في