ثم فارق باغي سيان رضوان وسار إلى دقاق، وحسن له قصد أخيه رضوان وأخذ حلب منه، فسار دقاق إلى رضوان وجمع رضوان العسكر والترك والتراكمين والتقى مع أخيه على قنسرين، فانهزم دقاق وعسكره ونهبت خيامهم، وعاد رضوان إلى حلب منصوراً، ثم اتفقا على أن يخطب لرضوان بدمشق قبل دقاق.
[ذكر غير ذلك من الحوادث:]
في هذه السنة، خطب الملك رضوان للمستعلي بأمر الله العلوي خليفة مصر أربع جمع، ثم خشي من عاقبة ذلك فقطعها، وأعاد الخطبة العباسية. وفيها قتلت الباطنية أرغش النظامي بالري، وكان قد بلغ مبلغاً عظيماً بحيث أنه تزوج بابنة ياقوتي عم السلطان بركيارق، وفيها قتلت الباطنية أيضاً الأمير برسق، وكان برسق من أصحاب طغريل بك، وهو أول شحنة كان من جهة السلجوقية ببغداد.
ثم دخلت سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ذكر مسير الفرنج إلى الشام
[وملكهم أنطاكية وغيرها]
وكان مبتدأ خروجهم في سنة تسعين وأربعمائة، فعبروا خليج قسطنطينية وولوا إلى بلاد قليج أرسلان بن سليمان بن قطلمش، وهي قونية وغيرها، وجرى بين قليج أرسلان وبين الفرنج قتال، فانهزم قليج أرسلان من بين يديهم. ثم ساروا إلى بلاد ليون الأرمني وخرجوا إلى أنطاكية فحصروها تسعة أشهر، وظهر لباغي سان في ذلك شجاعة عظيمة، ثم هجموا أنطاكية عنوة، وخرج باغي سيان بالليل من أنطاكية هارباً مرعوباً، فلما أصبح ورجع وعيه أخذ يتلهف على أهله وأولاده وعلى المسلمين، فلشدة ما لحقه سقط مغشياً عليه، فأراد من معه أن يركبه، فلم يكن فيه من المسكة ما يثبت على الفرس، فتركوه مرمياً واجتاز إنسان أرمني كان يقطع الخشب بباغي سيان بن محمد بن ألب أرسلان التركماني صاحب أنطاكية المذكور، وهو على آخر رمق، فقطع رأسه وحمله إلى الفرنج بأنطاكية، وأما الفرنج فإنهم ملكوا أنطاكية، وكان ذلك في جمادى الأولى من هذه السنة، ووضعوا السيف في المسلمين الذين بها ونهبوا أموالهم.
ذكر مسير المسلمين إلى حرب الفرنج بأنطاكية
لما بلغ كربوغا صاحب الموصل ما فعله الفرنج بأنطاكية، جمع عسكره وسار إلى مرج دابق، واجتمع إليه دقاق بن تنش صاحب دمشق، وطغتكين أتابك، وجناح الدولة صاحب حمص وهو زوج أم الملك رضوان، فإنه كان قد فارق رضوان من حلب وسار إلى حمص فملكها، وغيرهم من الأمراء والقواد، وساروا حتى نازلوا أنطاكية، وانحصر الفرنج بها، وعظم خوفهم حتى طلبوا من كربوغا أن يطلقهم فامتنع، ثم إن كربوغا أساء السيرة