للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وألفي دينار أخرى، أستعين بها على شدة الزمان، فأمر لها معاوية بستة آلاف دينار، فقبضتها وانصرفت.

ومعاوية أول خليفة بايع لولده، وأول من وضع البريد، وأول من عمل المقصورة في مسجد، وأول من خطب جالساً، في قول بعضهم، وكان عبد الله بن جعفر بن أبي طالب ممن يرى سماع الأوتار والغناء، وهو رأى أهل المدينة، وكان معاوية ينكر ذلك عليه، فدخل ابن جعفر يوماً على معاوية ومعه بديح المغني، فقال ابن جعفر لبديح: غنِّ، فغنى بشعر كان يحبه معاوية وهو:

يا لُبينى أوقدي النارا ... إِن من تهوين قد حارا

رب نار بِتُ أرمقها ... تقضم الهندي والغارا

ولها ظبي يؤججها ... عاقد في الخصر زنارا

فطرب معاوية وتحرك، وضرب برجله الأرض، فقال له ابن جعفر: مَهْ يا أمير المؤمنين. فقال معاوية: إِنّ الكريم لطروب، وقال معاوية: أعنت على علي بثلاث كان رجلاً ظهرت علته، وكنت كتوماً لسري. وكان في أخبث جند، وأشده خلافاً وكنت في أطوع جند وأقله خلافاً. وخلا بأصحاب الجمل فقلت: إِن ظفر بهم أعددت ذلك عليه وَهْنا، وإن ظفروا به، كانوا أهوَنَ شوكهَ عليّ منه.

أخبار يزيد

ابنه وهو ثاني خلفائهم، وأم يزيد ميسون بنت بحدل الكليبة، بويع بالخلافة لما مات أبوه في رجب سنة ستين، ولما استقر يزيد في الخلافة، أرسل إِلى عامله بالمدينة بإِلزام الحسين وعبد الله بن الزبير وابن عمر بالبيعة، فأما ابن عمر فقال: إِن أجمع الناس على بيعته بايعته، وأما الحسين وابن الزبير فلحقا بمكة، ولم يبايعا، وأرسل عامل المدينة جيشاً مع عمرو بن الزبير، أخي عبد الله بن الزبير، وكان شديد العداوة لأخيه عبد الله، لقتال أخيه عبد الله، فانتصر عبد الله بن الزبير، وهزم الجمع الذي مع أخيه، وأمسك أخاه عمراً وحبسه حتى مات في حبسه.

مسير الحسين إِلى الكوفة وورد على الحسين مكاتبات أهل الكوفة، يحثونه على المسير إِليهم ليبايعوه، وكان العامل عليها النعمان بن بشير الأنصاري، فأرسل الحسين إِلى الكوفة، ابن عمه مسلم بن عقيلٍ بن أبي طالب، ليأخذ البيعة عليهم، فوصل إِلى الكوفة، وبايعه بها قيل ثلاثون ألفاً، وقيل ثمانية وعشرون ألف نفس.

وبلغ يزيد عن النعمان بن بشير ما لا يرضيه، فولى على الكوفة عبيد الله بن زياد، وكان والياً على البصرة، فقدم الكوفة، ورأى ما الناس عليه، فخطبهم وحثهم على طاعة يزيد بن معاوية، واستمر مسلم بن عقيل عند قدوم عبيد الله بن زياد على ما كان، ثم اجتمع إِلى مسلم بن عقيل من كان بايعه للحسين، وحصروا عبيد الله بن زياد بقصره، ولم يكن مع عبيد الله في القصر أكثر من ثلاثين رجلاً، ثم إِن عبيد الله أمر أصحابه أن يشرفوا من القصر، ويمنّوا أهل الطاعة، ويخذلوا أهل المعصية، حتى أن المرأة ليأتي ابنها وأخاها فتقول: انصرف

<<  <  ج: ص:  >  >>