وفي هذه السنة: استولى الفرنج على رفنية، وكانت لطغتكين أيضاً ثم سار طغتكين من دمشق واسترجعها إلى ملكه وقتل من بها من الفرنج.
ذكر وفاة صاحب إفريقية في هذه السنة توفي يحيى بن تميم بن المعز بن باديس صاحب إفريقية يوم عيد الأضحى فجأة، وتولى بعده ابنه علي بن يحيى، وكان عمر يحيى اثنتين وخمسين سنة، وولايته ثمان سنين وخمسة أشهر وخلّف ثلاثين ولداً.
[ذكر غير ذلك]
فيها قدم السلطان محمد إلى بغداد، فسار إليه طغتكين من دمشق ودخل عليه وسأل الرضى عنه، فرضي عنه ورده إلى دمشق، وفيها أخذ السلطان الموصل وما كان معها من أقسنقر البرسقي، وأقطعها للأمير جيوش بك وبقي البرسقي في الرحبة وكانت أقطاعه.
ثم دخلت سنة عشرة وخمسمائة في هذه السنة مات جاولي سقاوه بفارس وكان السلطان محمد بن ملكشاه قد ولاه فارس، بعد أخذ الموصل منه علي ما تقدم ذكره. وفيها وقيل بل في سنة ست عشرة وخمسمائة توفي بمروالروز أبو محمد الحسن بن مسعود بن محمد المعروف بالفراء البغوي الفقيه المحدث، كان بحراً في العلوم صنف كتباً عدة منها: التهذيب في الفقه، والمصابيح في الحديث، والجمع بين الصحيحين، وغير ذلك، والفراء نسبة إلى عمل الفراء والبغوي نسبة إلى بلدة بخراسان يقال لها بغ وبغشور أيضاً.
ثم دخلت سنة إحدى عشرة وخمسمائة.
ذكر وفاة السلطان محمد في هذه السنة في رابع وعشرين ذي الحجة توفي السلطان محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق، وابتدأ مرضه من شعبان، ومولده ثامن عشر شعبان من سنة أربع وسبعين وأربعمائة، فكان عمره ستاً وثلاثين سنة وأربعة أشهر وستة أيام، وأول ما خطب له ببغداد في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة، وقطعت خطبته عدة دفعات، ولقي من المشاق والأخطار ما لا زيادة عليه، وكان عادلاً حسن السيرة، أطلق المكوس والضرائب في جميع بلاده، وعهد بالملك إلى ولده محمود وعمره إذ ذاك قد زاد على أربع عشرة سنة. ولما عهد عليه اعتنقه، وقبله وبكى كل واحد منهما، وجلس محمود على تخت السلطنة بالتاج والسوارين يوم وفاة أبيه في الرابع والعشرين من ذي الحجة من هذه السنة، وخطب لمحمود بالسلطنة في يوم الجمعة الثامن والعشرين من ذي الحجة.