ذكر وفاة صاحب غزنة في هذه السنة في شوال، توفي الملك علاء الدولة أبو سعد مسعود بن إبراهيم ابن مسعود بن محمود بن سبكتكين صاحب غزنة، كان ملكه في سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وملك بعده ابنه أرسلان شاه بن مسعود، وأمسك إخوته، وهرب، من إخوته بهرام شاه، واستجار بالسلطان سنجر بن ملكشاه صاحب خراسان، وأرسل سنجر إلى أرسلان شاه يشفع في بهرام شاه فلم يقبل منه، فسار السلطان سنجر إلى غزنة، وجمع أرسلان شاه عساكره وخيوله، واقتتلوا واشتد القتال بينهم، فانهزم عسكر غزنة، وانهزم أرسلان شاه، ودخل سنجر غزنة واستولى عليها في سنة عشر وخمسمائة، وأخذ منها أموالاً عظيمة، وقرر السلطنة لبهرام شاه بن مسعود، وأن يخطب في مملكته للسلطان محمد، ثم للملك سنجر ثم للسلطان وبهرام شاه المذكور، ثم عاد سنجر إلى بلاده، وكان أرسلان شاه قد هرب إلى جهة هندستان، ثم جمع جمعاً وعاد إلى غزنة فاستنجد بهرام شاه بسنجر ثانياً، فأرسل إليه عسكراً، فلما قاربوا أرسلان شاه هرب من غير قتال، وتبعوه حتى أمسكوه، فخنق بهرام شاه أخاه أرسلان شاه، ودفنه بتربة أبيه بغزنة، وكان قتل أرسلان شاه في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، وقدمنا ذكره لنتبع الحادثة بعضها بعضاً، وكان عمر أرسلان شاه لما قتل سبعاً وعشرين سنة.
ذكر مقتل صاحب حلب في هذه السنة قتل تاج الدولة ألب أرسلان الأخرس، صاحب حلب ابن الملك رضوان بن تنش بن ألب أرسلان بن داود بن ميكائيل بن سلجوق، قتلة غلمانه بقلعة حلب، وأقاموا بعده أخاه سلطان شاه بن رضوان، وكان المتولي على الأمر لؤلؤ الخادم.
ثم دخلت سنة تسع وخمسمائة فيها أرسل السلطان محمد بن ملكشاه عسكراً ضخماً لقتال طغتكين صاحب دمشق، وأيلغازي صاحب ماردين، فعبر العسكر الفرات من الرقة وقصدوا حلب، فعصت عليهم، فساروا إلى حماة وهي لطغتكين، فحصروها وفتحوها عنوة، ونهبوا الأموال ثلاثة أيام، ثم سلموا حماة إلى الأمير قيرخان بن قراجا صاحب حمص، وأقام العسكر بحماة واجتمع بأفامية أيلغازي وطغتكين وملوك الفرنج، وهم صاحب أنطاكية، وصاحب طرابلس وغيرهما، وأقاموا بأفامية ينتظرون تفرق المسلمين، فلما أقام عسكر المسلمين إلى الشتاء، تفرق الفرنج وسار طغتكين إلى دمشق، وأيلغازي إلى ماردين، ثم سار المسلمون من حماة إلى كفرطاب وهي للفرنج، فاستولوا عليها وقتلوا من بها من الفرنج ونهبوهم، ثم سار المسلمون إلى المعرة، وهي للفرنج، ثم ساروا منها إلى حلب، فكبسهم صاحب أنطاكية في أثناء الطريق، فانهزمت المسلمون، وقتل الفرنج فيهم،