ابن أخيه الملك الناصر يوسف، فخرج عسكر حلب لقتالهم، وخرج الملك المعظم، ولم يكن من رأيه الخروج إليهم، وأكمن لهم التتر في الباب المعروف بباب الله، وتقاتلوا عند بانقوسا، فاندفع التتر قدامهم حتى خرجوا عن البلد، ثم عادوا عليهم، وهرب المسلمون طالبين المدينة، والتتر يقتلون فيهم حتى دخلوا البلد، واختنق في أبواب البلد جماعة من المنهزمين، ثم رحل التتر إلى إعزاز فتسلموها بالأمان.
ثم دخلت سنة ثمان وخمسينوستمائة.
[ذكر ما كان من الملك الناصر عند قصد التتر حلب]
ولما بلغ الملك الناصر يوسف صاحب الشام قصد التتر حلب، برز من دمشق إلى برزة في أواخر السنة الماضية، وجفل الناس من بين يدي التتر، وسار من حماة إلى دمشق الملك المنصور صاحب حماة، ونزل معه ببرزة، وكان هناك مع الناصر يوسف بيبرس البندقداري، من حين هرب من الكرك والتجأ إلى الناصر، فاجتمع عند الملك الناصر عند برزة أمم عظيمة من العساكر، والجفال، ولما دخلت هذه السنة، والملك الناصر ببرزة، بلغه أن جماعة من مماليكه قد عزموا على اغتياله، والفتك به، فهرب الملك الناصر من الدهليز إلى قلعة دمشق، وبلغ مماليكه الذين قصدوا ذلك علمه بهم، فهربوا على حمية، إلى جهة غزة، وكذلك سار بيبرس البندقداري إلى جهة عزة، وأشاع المماليك الناصرية أنهم لم يقصدوا قتل الملك الناصر، وإنما كان قصدهم أن يقبضوا عليه، ويسلطنوا أخاه الملك الظاهر غازي ابن الملك العزيز محمد ابن الملك الظاهر غازي ابن السلطان صلاح الدين، لشهامته، ولما جرى ذلك، هرب الملك الظاهر المذكور خوفاً من أخيه الملك الناصر، وكان الظاهر المذكور شقيق الناصر، أمهما أم ولد تركية، ووصل الملك الظاهر غازي إلى غزة، واجتمع عليه من بها من العسكر، وأقاموه سلطاناً، ولما جرى ذلك، كاتب بيبرس البندقداري الملك المظفر قظز، صاحب مصر، فبذل له الأمان، ووعده الوعود الجميلة، ففارق بيبرس البندقداري الشاميين وسار إلى مصر، في جماعة من أصحابه، فأقبل عليه الملك المظفر قطز وأنزله في دار الوزارة، وأقطعه قليوب وأعمالها.
ذكر استيلاء التتر على حلب وعلى الشام جميعه
ومسير الملك الناصر عن دمشق، ووصول عساكره إلى مصر، وانفراد الملك الناصر عنهم: في هذه السنة، أعني سنة ثمان وخمسين وستمائة، في يوم الأحد تاسع صفر، كان استيلاء التتر على حلب، وسببه أن هولاكو عبر الفرات بجموعه، ونازل حلب، وأرسل هولاكو إلى الملك المعظم توران شاه بن صلاح الدين نائب السلطنة بحلب، يقول له: إنكم تضعفون عن لقاء المغل، ونحن قصدنا الملك الناصر والعساكر، فاجعلوا لنا عندكم بحلب