وفي أواخر هذه السنة، أعني سنة سبع وخمسين وستمائة، في أوائل ذي الحجة، قبض سيف الدين قطز على ولد أستاذه الملك المنصور، نور الدين علي بن المعز أيبك، وخلعه من السلطنة، وكان علم الدين الغتمي، وسيف الدين بهادر، وهما من كبار المعزية، غائبين في رمي البندق، فانتهز قطز الفرصة في غيبتهما وفعل ذلك، ولما قدم الغتمي وبهادر المذكور، أن قبض عليهما قطز أيضاً، واستقر قطز في ملك الديار: المصرية، وتلقب بالملك المظفر، وكان رسول الملك الناصر يوسف صاحب الشام، وهو كمال الدين، المعروف بابن العديم، قد قدم إلى مصر في أيام الملك المنصور علي بن أيبك، مستنجداً على التتر، واتفق خلع علي المذكور وولاية قطز بحضرة كمال الدين ابن العديم، ولما استقر قطز في السلطنة، أعاد جواب الملك الناصر يوسف، أنه ينجده، ولا يقعد عن نصرته، وعاد ابن العديم بذلك.
ذكر مولد الملك المظفر محمود
بن الملك المنصور صاحب حماة:
وفي هذه السنة، أعني سنة سبع وخمسين وستمائة، في الساعة العاشرة من ليلة الأحد خامس عشر المحرم، وثاني عشر كانون الثاني، ولد محمود ابن الملك منصور محمد ابن الملك المظفر محمود ابن الملك المنصور محمد ابن الملك المظفر تقي الدين عمر بن شاهنشاه بن أيوب، ولقبوه الملك المظفر، بلقب جده، وأم الملك المظفر محمود المذكور، عائشة خاتون بنت الملك العزيز محمد، صاحب حلب، ابن الملك الظاهر غازي ابن السلطان صلاح المدين يوسف بن أيوب، وهنأ الشيخ شرف الدين عبد العزيز، المعروف بشيخ الشيوخ، الملك المنصور صاحب حماة بقصيدة طويلة منها:
أبشر على رغم العدى والحسد ... بأجل مولود وأكرم مولد
بالنعمة الغراء بل بالدولة ... الزهراء بل بالمفخر المتجدد
وافاك بدراً كاملاً في ليلة ... طلعت عليك نجومها بالأسعد
ما بين محمود المظفر أسفرت ... عنه وما بين العزيز محمد
[ذكر قصد هولاكو الشام]
وفي هذه السنة قدم هولاكو إلى البلاد التي شرقي الفرات، ونازل حران وملكها، واستولى على البلاد الجزرية، وأرسل ولده سموط بن هولاكو إلى الشام، فوصل إلى ظاهر حلب في العشر الأخير من ذي الحجة من هذه السنة، أعني سنة سبع وخمسين وستمائة، وكان الحاكم في حلب، الملك المعظم توران شاه ابن السلطان صلاح الدين، نائباً عن