وكان أبو سعيد ملك التتر صبيا عند موت أبيه خربندا، فقام بتدبير المملكة جوبان، ولم يكن لأبي سعيد معه من الأمر شيء حسبما تقدم ذكره، ولما كبر أبو سعيد ووجد أن الأمر مستبد به جوبان، وليس له معه حكم، أضمر لجوبان السوء، وكن جوبان قد سلم الأردو لابنه خواجا دمشق، فحكم خواجا دمشق على أبي سعيد، فاتفق في هذه السنة أن جوبان سار بالعساكر إلى خراسان، واستمر ابنه خواجا دشق حاكماً في الأردو، وكان الأردو إذ ذاك بظاهر السلطانية، وكان خواجا دمشق يروح سراً بالليل إلى بعض خواتين خربندا، فلما خرج شهر رمضان من هذه السنة، ودخل شوال، وتوجه خواجا دمشق في الليل ودخل القلعة ونام عند تلك الخاتون، وكان هناك امرأة أخرى عيناً لأبي سعيد عليها، فأرسلت تلك المرأة وخيرت أبا سعيد بالخبر، واسم المرأة التي هي عين أحجل. ولقلعة السلطانية بابان، فأرسل أبو سعيد عسكراً، ووقفوا على الباب، وأحس خواجا دمشق بذلك، فحمل وخرج من الباب الواحد، فضربوه وأمسكوه وقصدوا إحضاره ممسوكاً بين يدي أبي سعيد، فأرسل أبو سعيد وقال لهم اقطعوا رأسه وأحضروه، فقطعوا رأس خواجا دمشق المذكور، وأحضروه إلى بين يدي أبي سعيد، وبقي المغل يرفسون رأسه، وجمع أبو سعيد كل من قدر عليه، وخاف من جوبان، وأرسل إلى العسكر الذي مع جوبان فيهم بأنه قد عادى جوبان، ولما بلغ جوبان ذلك، سار من خراسان بمن معه من العسكر طالباً أبا سعيد، وسار أبو سعيد إلى جهته، حتى تقارب الجمعان عند مكان يسمى صاري قماش، أي القصب الأصفر، وذلك على مراحل يسيرة من الري، ولما تقارب الجمعان فارقت العساكر عن آخرها جوبان، ورحلوا عنه إلى طاعة أبي سعيد، وذلك في ذي الحجة من هذه السنة، فلم يبق مع جوبان غير عدة يسيرة، فابتدر جوبان الهرب وقصد نواحي هراة، واختفى خبره، ثم ظهر في السنة الأخرى ثم عدم قيل إنه قتل بهراة، قتله صاحبها، وقيل غير ذلك، وتتبع أبو سعيد كل من كان في المملكة من أولاده والزامه فأعدمهم، واستقرت قدم أبي سعيد في المملكة، وكان أبو سعيد يهوى بنت جوبان واسمها بغداد، وكانت مزوجة للأمير حسن بن أقبغا، وهو من أكبر أمراء المغلة، فطلقها أبو سعيد منه وتزوجها أبو سعيد، وبقيت عند أبي سعيد في منزلة عظيمة جداً.
[ذكر سفري إلى الأبواب الشريفة]
في هذه السنة، رسم السلطان لي بالحضور إلى أبوابه الشريفة، لأكون في خدمته في صبوده، فخرجت من حماة يوم الاثنين رابع ذي القعدة، الموافق للحادي والعشرين من أيلول، وأتممت السير أنا وابني محمد حتى وصلنا إلى بلبيس ونزلنا على عيثة، وهي قرية