عليه وسلم الناس خطبة، بين فيها الأحكام، منها:" يا أيها الناس إِنما النسيء زيادة في الكفر، فإِن الزمان استدار كهيئة يوم خلق الله السموات والأرض، وإن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً " وتمم حجته وسميت حجة الوداع، لأنه لم يحج بعدها، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة؛ وأقام بها حتى خرجت السنة. ثم دخلت سنة إِحدى عشَرة.
[وفاة رسول الله]
صلى الله عليه وسلم
لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع، أقام بالمدينة حتى خرجت سنة عشر، والمحرم من سنة إِحدى عشرة، ومعظم صفر، وابتدأ برسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه في أواخر صفر، قيل لليلتين بقيتا منه، وهو في بيت زينب بنت جحش، وكان يدور على نسائه، حتى اشتد مرضه وهو في بيت ميمونة بنت الحاِرث، فجمع نساءه واستأذنهن في أن يمرض في بيت إحداهن، فأذن له أن يمرض في بيت عائشة، فانتقل إِليها، كان قد جهز جيشاً مع مولاه أسامة بن زيد، وأكد في مسيره في مرضه، وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وبي صداع وأنا أقول وارأساه، فقال:" بل أنا والله يا عائشة أقول وارأساه " ثم قال ما ضرك لو متّ قبلي فقمت عليكِ وكفنتك وصليت عليك ودفنتك " قالت: فقلت كأني بك والله لو فعلت ذلك ورجعت إِلى بيتي وتعزيت ببعض. نسائك، فتبسم صلى الله عليه وسلم. وفي أثناء مرضه، وهو في بيت عائشة، خرج بين الفضل بن العباس وعلي بن أبي طالب، حتى جلس على المنبر، فحمد الله ثم قال: " أيّها الناس من كنت جلدت له ظهراً فهذا ظهري فليستقدمني، ومن كنت شتمت له عرضاً فهذا عرضي فليستفد منه، ومن أخذت له مالاً فهذا مالي فليأخذ منه، ولا يخشى الشحناء من قبلي فإِنها ليست من شأني ". ثم نزل وصلى الظهر ثم رجع إِلى المنبر، فعاد إِلى مقالته، فادعى عليه رجل ثلاثة دراهم فأعطاه عوضها، ثم قال: " ألا إِن فضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرة " ثم صلى على أصحاب أُحد واستغفر لهم ثم قال: " إِنّ عبداً خيّره الله بين الدنيا وبين ما عنده، فاختار ما عنده " فبكى أبو بكر ثم قال: فديناك بأنفسنا. ثم أوصى بالأنصار فقال: يا معشر المهاجرين أصبحتم تزيدون وأصبحت الأنصار لا تزيد، والأنصار عيبتي التي أويت إِليها فأكرموا كريمهم وتجاوزوا عن مسيئهم. ثم إِن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في أيام مرضه يصلي بالناس، وإنما انقطع ثلاثة أيام، فلما أذن بالصلاة أول ما انقطع فقال: " مروا أبا بكر فليصل بالناس " وتزايد به مرضه حتى توفي يوم الاثنين ضحوة النهار، وقيل نصف النهار، وقالت عائشة رضي الله عنها: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح فيه ماء، يدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول: " اللهم أعني على سكرات الموت ". قالت: وثقل في حجري، فذهبت أنظر في وجهه