مصر كالمنهزمين، فلما وصل إلى دمشق ركب أتسز لملتقاه بالقرب من المدينة، فأنكر تنش عليه تأخره عن الطلوع إلى لقائه، وقبض على أتسز وقتله وملك تنش دمشق، وأحسن السيرة.
ثم دخلت سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة فيها غزا الملك إبراهيم بن مسعود بن محمود بن سبكتكين صاحب غزنة بلاد الهند، فأوغل فيها وفتح وغنم وعاد إلى غزنة سالماً.
ملك مسلم بن قريش مدينة حلب في هذه السنة، سار شرف الدولة بن قريش بن بدران بن المقلد بن السميب صاحب الموصل إلى حلب، فحصرها، فسلم البلد إليه في سنة ثلاث وسبعين، وحصر القلعة واستنزل منها سابقاً ووثاباً ابني محمود بن نصر بن صالح بن مرداس وتسلم القلعة.
[ذكر غير ذلك]
وفيها توفي نصر بن أحمد بن مروان، صاحب ديار بكر، وملك بعده ابنه سور بن نصر ودبر دولته ابن الأنباري. وفيها توفي أبو الفتيان محمد بن سلطان بن جيوش. الشاعر المشهور، وقد تقدم ذكر مديحه لنصر بن محمود صاحب حلب.
ثم دخلت سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة ودخلت سنة أربع وسبعين وأربعمائة فيها كانت فتنة ببغداد بين الشافعية والحنابلة. وفيها أرسل الخليفة المقتدي الشيخ أبا إسحاق الشيرازي رسولاً إلى السلطان ملكشاه، وإلى نظام الملك، فسار من بغداد إلى خراسان، ليشكو من عميد العراق أبي الفتح بن أبي الليث، فأكرم السلطان ونظام الملك الشيخ أبا إسحاق، وجرى بينه وبين إمام الحرمين أبي المعالي الجوبني مناظرة بحضرة نظام الملك، وعاد بالإجابة إلى ما التمسه الخليفة، ورفعت يد العميد عن جميع ما يتعلق بحواشي الخليفة.
وفيها توفي أبو نصر علي بن الوزير أبي القاسم هبة الله بن ماكولا، مصنف كتاب الإكمال، ومولده سنة عشرين وأربعمائة، قتله مماليكه الأتراك بكرمان.
ثم دخلت سنة ست وسبعين وأربعمائة فيها في جمادى الآخرة توفي الشيخ أبو إسحاق إبراهيم ابن علي الشيرازي الفيروز أبادي، وفيررز أباد بلدة بفارس، ويقال هي مدينة جون. وكان مولده سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة، وقيل سنة ست وتسعين، وكان أوحد عصره علماً وزهداً وعبادة، ولد بفيروز أباد ونشأ بها، ودخل شيراز وقرأ بها الفقه، ثم قدم إلى البصرة، ثم إلى بغداد في سنة خمس عشرة وأربعمائة وكان إمام وقته في المذهب والخلاف والأصول وصنف المهذب، والتنبيه والتلخيص، والنكت، والتبصير، واللمع، ورؤوس المسائل. وكان فصيحاً، وله نظم حسن فمنه: