للصيد، فقصده مماليك والده، وهم: بيدرا نائب السلطنة، ولاجين الذي كان عزله السلطان عن نيابة السلطنة بدمشق، واعتقله مرة بعد أخرى، وقراسنقر الذي عزله عن نيابة السلطنة بحلب، وانضم إليهم بهادر، رأس النوبة، وجماعة من الأمراء، ولما قاربوا السلطان، أرسل إليهم أميراً يقال له كرت، أمير أخور، ليكشف خبرهم، فحال وصوله إليهم أمسكوه ولم يمكنوه من العود إلى السلطان، وقاربوا السلطان، وكان بينهم مخاضة، فخاضوها ووصلوا إليه، فأول من ضربه بالسيف بيدرا، ثم لاجين، حتى فارق، وتركوه مرمياً على الأرض، فحمله أيدمر الفخري والي تروجة إلى القاص، فدفن في تربته، رحمه الله تعالى، ولا جرم، إن الله تعالى انتقم من قاتليه المذكورين معجلاً ومؤجلاً، على ما سنذكره.
[ذكر مقتل بيدرا]
ولما قتل السلطان على ما ذكرناه، اتفق الجماعة الذين قتلوه على سلطنة بيدرا، وتلقب بالملك القاهر، وسار نحو قلعة الجبل ليملكها، واجتمعت مماليك السلطان الملك الأشرف وانضموا إلى زين الدين كتبغا المنصوري، وساروا في إثر بيدرا ومن معه، فلحقوهم على الطرانة في خامس عشر المحرم من هذه السنة، واقتتلوا، وانهزم بيدرا وأصحابه وتفرقوا في الأقطار، وتبعوا بيدرا وقتلوه، ورفعوا رأسه على رمح، واستتر لاجين، وقرا سنقر، ولم يطلع لهما على خبر.
[ذكر سلطنة مولانا السلطان الأعظم الملك الناصر]
ولما جرى ما جرى من قتل السلطان الملك الأشرف، ثم قتل بيدرا، ووصول زين الدين كتبغا والمماليك والسلطانية إلى قلعة الجبل، وبها علم الدين سنجر الشجاعي نائباً، اتفقوا على سلطنة مولانا السلطان الأعظم الملك الناصر ولد مولانا السلطان الملك المنصور، فأجلسوه على سرير السلطنة في باقي العشر الأوسط من المحرم من هذه السنة، وتقرر أن يكون الأمير زين الدين كتبغا المنصوري نائب السلطنة، وعلم الدين سنجر الشجاعي وزيراً، وركن الدين بيبرس البرجي الجاشنكير أستاذ الدار، وتتبعوا الأمراء الذين اتفقوا مع بيدرا على ذلك، فظفروا أولاً ببهادر رأس النوبة، وأقوش الموصلي الحاجب، فضربت رقابهما، وأحرقت جثثهما، ثم ظفروا بطرنطاي الساقي، والناق ونغية، وأروس السلحدارية، ومحمد خواجا، والطنبغا الجمدار، وأقسنقر الحسامي، فاعتقلوا بخزانة البنود أياماً، ثم قطعت أيديهم وأرجلهم، وصلبوا على الجمال، وطيف بهم، وأيديهم معلقة في أعناقهم جزاء بما كسبوا، ثم وقع قجقار الساقي فشنق.