للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يمت في تلك الساعة، بل حمل إلى بيته، وأرسل يعتب على العاضد. فأرسل العاضد إلى طلائع المذكور يحلف له، أنه لم يرض، ولا علم بذلك، وأمسك العاضد عمته وأرسلها إلى طلائع فقتلها، وسأل العاضد أن يولى ابنه رزيك الوزارة، ولقب العادل، ومات طلائع واستقر ابنه العادل رزيك في الوزارة، وكان للصالح طلائع شعر حسن، فمنه في الفخر:

أبى الله إلا أن يدين لنا الدهر ... ويخدمنا في ملكنا العز والنصر

علمنا بأن المال تفنى ألوفه ... ويبقى لنا من بعده الأجر والذكر

خلطنا الندى بالبأس حتى كأننا ... سحاب لديه البرق والرعد والقطر

ذكر ملك عيسى مكة

[حرسها الله تعالى:]

كان أمير مكة قاسم بن أبي فليتة بن قاسم بن أبي هاشم العلوي الحسيني، فلما سمع بقرب الحاج من مكة، صادر المجاورين، وأعيان مكة، وأخذ أموالهم، وهرب إلى البرية. فلما وصل الحاج إلى مكة، رتب أمير الحاج، مكان قاسم، عمه عيسى بن قاسم بن أبي هاشم، فبقي كذلك إلى شهر رمضان، ثم إن قاسم بن أبي فليتة، جمع العرب وقصد عمه عيسى، فلما قارب مكة، رحل عنها عيسى، فعاد قاسم فملكها، ولم يكن معه ما يرضى به العرب، فكاتبوا عمه عيسى وصاروا معه، فقدم عيسى إليهم، فهرب قاسم وصعد إلى جبل أبى قبيس، فسقط عن فرسه، فأخذه أصحاب عمه عيسى وقتلوه، فغسله عمه عيسى ودفنه بالمعلى عند ابنه أبي فليتة. واستقرت مكة لعيسى.

ذكر غير ذلك في هذه السنة عبر عبد المؤمن بن علي المجاز إلى الأندلس، وبنى على جبل طارق من الأندلس مدينة حصينة، وأقام بها عدة أشهر، ثم عاد إلى مراكش. وفيها ملك قرا أرسلان صاحب حصن كيفا، قلعة شاتان، وكانت لطائفة من الأكراد، ولما ملكها خربها، وأضاف أعمالها إلى حصن طالب.

ثم دخلت سنة سبع وخمسين وخمسمائة. في هذه السنة، نازل نور الدين محمود بن زنكي قلعة حارم، وهي للفرنج مدة، ثم رحل عنها ولم يملكها.

وفيها سارت الكرج في جمع عظيم ودخلوا بلاد الإسلام، وملكوا مدينة دوين من أعمال أذربيجان، ونهبوها. ثم جمع الدكز صاحب أذربيجان جمعاً عظيماً، وغزا الكرج وانتصر عليهم.

وفيها حج الناس، فوقعت فتنة، وقتال بين صاحب مكة وأمير الحاج، فرحل الحاج ولم يقدر بعضهم على الطواف بعد الوقفة. قال ابن الأثير: وكان ممن حج ولم يطف، جدته أم أبيه، فوصلت إلى بلادها وهي على إحرامها، واستفتت الشيخ أبا القاسم بن البرزي، فأفتى أنها إذا دامت على ما بقي من إحرامها إلى قابل، وطافت، كمل حجها الأول، ثم تفدي وتحل، ثم تحرم إحراماً ثانياً، وتقف بعرفات، وتكمل مناسك الحج، فيصير لها حجة ثانية. فبقيت

<<  <  ج: ص:  >  >>