أما لوط فهو ابن أخي إبراهيم الخليل، وهو لوط بن هاران بن آزر، آزر هو تارح، وباقي النسب قد مر عند ذكر إبراهيم الخليل.
وكان لوط ممن آمن بعمه إبراهيم، وهاجر معه إلى مصر، وعاد إلى الشام.
وأرسل الله تعالى لوطاً إلى أهل سدوم، وكانوا أهل كفر وفاحشة، ودام لوط يدعوهم إلى الله تعالى، وينهاهم فلم يلتفتوا إليه، وكانوا على ما أخبر الله عنهم في قوله تعالى " إنكم لتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون في ناديكم المنكر "" العنكبوت: ٢٨ - ٢٩ ". وكان قطعهم للطريق أنه إذا مر بهم المسافر أمسكوه، وفعلوا فيه اللواط، وكان لوط ينهاهم، ويتوعدهم على الإصرار، فلا يزيدهم وعظه إلا تمادياً.
فلما طال ذلك عليه، سأل الله تعالى النصرة عليهم، فأرسل الله الملائكة لقلب سدوم وقراها الخمس، وكان بسدوم أربعمائة ألف بشري، وأما قراها فهي صبعة، وعمرة. وأدما، وصبويم. وبالع.
وكان الملائكة قد أعلموا إبراهيم الخليل بما أمرهم الله تعالى به من الخسف بقوم لوط، فسأل إبراهيم جبريل فيهم، وقال له: أرأيت إن كان فيهم خمسون من المسلمين؟ فقال جبريل: إن كان فيهم خمسون لا نعذبهم، فقال إبراهيم: وأربعون؟ قال: وأربعون، قال إبراهيم وثلاثون؟ قال: وثلاثون، وكذلك حتى قال إبراهيم: وعشرة؟ فقال جبريل: وعشرة، فقال إبراهيم: إن هناك لوطاً، فقال جبريل والملائكة: نحن أعلم بمن فيها.
فلما وصلت الملائكة إلى لوط هم قومه أن يلوطوا بهم، فأعماهم جبريل بجناحه، وقال الملائكة للوط:" إن رسل ربك فاسر بأهلك بقطع من الليل، ولا يلتفت منكم أحد "" هود ٨١ ".
فلما خرج لوط بأهله، قال للملائكة: أهلكوهم الساعة، فقالوا لم نؤمر إلا بالصبح، أليس الصبح بقريب؟ فلما كان الصبح قلبت الملائكة سدوم، وقراها الخمس بمن فيها، وسمعت امرأة لوط الهدة فقالت: واقوماه، فأدركها حجر فقتلها، أمطر الله الحجارة على من لم يكن بالقرى، فأهلكهم.
ذكر إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما السلام وولد إسماعيل لإبراهيم لما كان لإبراهيم من العمر ست وثمانون سنة، ولما صار لإسماعيل ثلاث عشر سنة تطهر هو وأبوه إبراهيم، ولما صار لإبراهيم مائة سنة، وولد له إسحاق أخرج إسماعيل وأمه هاجر إلى مكة بسبب غيرة سارة منها، وقولها: أخرج إسماعيل وأمه إن ابن الأمة لا يرث مع ابني، وسكن مكة مع إسماعيل من العرب قبائل جرهم، وكانوا قبله بالقرب من مكة.
فلما سكنها إسماعيل اختلطوا به، وتزوج إسماعيل امرأة من جرهم، ورزق منها اثني عشر ولداً، ولما أمر الله تعالى إبراهيم عليه السلام ببناء الكعبة، وهي البيت الحرام