وفي هذه السنة، ظهر الحسين المذكور بمدينة الرسول عليه السلام، وكان معه جماعة من أهل بيته منهم الحسن بن محمد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وعبد الله بن إسحاق بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، وعبد الله المذكور هو ابن عاتكة.
واشتد أمر الحسين المذكور، وجرى بينه وبين عامل الهادي على المدينة، وهو عمر بن العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، قتال، فانهزم عمر المذكور، وبايع الناس الحسين المذكور على كتاب الله وسنة نبيه، للمرتضى من آل محمد. وأقام الحسين هو وأصحابه بالمدينة يتجهزون، أحد عشر يوماً، ثم خرجوا يوم السبت، لست بقين من ذي القعدة، ووصل الحسين إِلى مكة ولحق به جماعة من عبيد مكة. وكان قد حج تلك السنة جماعة من بني العباس وشيعتهم، فمنهم سليمان بن أبي جعفر المنصور، ومحمد بن سليمان بن علي، والعباس بن محمد بن علي، وانضم إِليهم من حج من شيعتهم ومواليهم وقوادهم، واقتتلوا مع الحسين المذكور يوم التروية، فانهزم أصحاب الحسين وقتل الحسين واحتز رأسه، وأحضر قدام المذكورين من بني العباس، وجمع معه من رؤوس أصحابه ورؤوس أهل المدينة ما يزيد على مائة رأس، وفيها أيضاً رأس سليمان بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، واختلط المنهزمون بالحاج، وكان مقتلهم بموضع يقال له وج وهو عن مكة إِلى جهة الطائفْ، ووج المذكور هو الذي ذكره النميري في شعره فقال:
تضوع مسكاً بطن نعمان أن مشت ... به زينب في نسوة خفرات
مررن بوج ثم قمن عشية ... يلبن للرحمن معتمرات
وفي قتل المذكورين بوج يقول بعضهم:
فلأبكين على الحسي ... ن بعولة وعلى الحسن
وعلى ابن عاتكة الذي ... واروه ليس له كفن
تركوا بوج غدوة ... في غير منزلة الوطن
وأفلت من المنهزمين، إدريس بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، فأتى مصر، وعلى بريدها واضح، مولى بني العباس وكان شيعياً، فحمل إدريس المذكور على البريد إلى المغرب، حتى انتهى إلى طنجة، ولما بلغ الهادي ذلك، ضرب عنق واضع، وبقي إدريس في تلك البلاد حتى أرسل الرشيد الشماخ النامي، مولى بني الأسد، فاغتاله بالسم فمات، ولما مات إِدريس المذكور كانت له حظية حبلى، فولدت ابناً وسموه إِدريس باسم أبيه، وبقي حتى كبر، واستقل بملك تلك البلاد، وحمل رأس الحسين ومعه باقي الرؤوس إلى الهادي، فأنكر الهادي عليهم حمل رأس الحسين، ولم يعطهم جوائزهم غضْباً عليهم، وكان الحسين المذكور، شجاعاً كريماً، قدم على المهدي فأعطاه أربعين ألف دينار، ففرقها ببغداد والكوفة، وخرج