وأنهم واصلون إلى البلاد الإسلامية بجموعهم. وفيها جعل السلطان الملك المنصور قلاوون ولده الملك الصالح علاء الدين علي، ولي عهده وسلطنته، وركب بشعار السلطنة.
وفيها سار السلطان الملك المنصور قلاوون الصالحي من الديار المصرية، ووصل إلى غزة، وكان التتر قد وصلوا إلى حلب، فعاثوا، ثم عادوا فعاد السلطان إلى مصر في جمادى الآخرة من هذه السنة.
وفيها استأذن سيف الدين بلبان الطباخي، أحد مماليك الملك المنصور، وكان نائب السلطنة بحصن الأكراد، في الإغارة على بلد المرقب، لما اعتمده أهله من الفساد عند وصول التتر إلى حلب، فأذن له السلطان في ذلك، فجمع بلبان الطباخي المذكور عساكر الحصون، وسار إلى المرقب، فاتفق هروب المسلمين ونزل الفرنج من المرقب، وقتلوا وأسروا من المسلمين جماعة.
وفيها في مستهل ذي الحجة، حرج السلطان الملك المنصور قلاوون من مصر، وسار عائداً إلى الشام، وخرجت هذه السنة.
ثم دخلت سنة ثمانين وستمائة والسلطان الملك المنصور بالروحاء وأقام هناك مدة، ثم سار إلى بيسان، وقبض على جماعة من الظاهرية، ودخل دمشق وأعدم منهم جماعة، مثل كوندك، وأيدغمش الحلبي، وبيبرس الرشيدي، وأرسل عسكراً إلى شيزر، وهي لسنقر الأشقر، وجرى بينهم مناوشة، ثم إنه ترددت الرسل بين السلطان وبين سنقر الأشقر، واحتاج السلطان إلى مصالحته لقوة أخبار التتر، ووقع بينهم الصلح، على أن يسلم شيزر إلى السلطان، ويتسلم سنقر الأشقر الشغر وبكاس، وكانتا قد ارتجعتا سه، فتسلم نواب السلطان شيزر، وتسلم الشغر وبكاس سنقر الأشقر، وحلفا على ذلك، واستقر الصلح بينهما.
وفيها أيضاً استقر الصلح بين السلطان الملك المنصور قلاوون، وبين الملك خضر ابن الملك الظاهر بيبرس، صاحب الكرك.
[ذكر الوقعة العظيمة مع التتر على حمص]
في هذه السنة، أعني سنة ثمانين وستمائة، في شهر رجب، كان المصاف العظيم بين المسلمين وبين التتر بظاهر حمص، فنصر الله تعالى فيه المسلمين، بعد ما كانوا قد أيقنوا بالبوار، وكان من حديث هذا المصاف العظيم، أن أبغا بن هولاكو، حشد وجمع وسار بهذه الحشود طالباً الشام، ثم انفرد أبغا المذكور عنهم، وغنم وسار إلى الرحبة، وسير جيوشه وجموعه إلى الشام، وقدم عليهم أخاه منكوتمر ابن هولاكو، وسار إلى جهة حمص، وسار السلطان الملك المنصور قلاوون الصالحي بالجيوش الإسلامية من دمشق إلى جهة حمص أيضاً، وأرسل إلى سنقر يستدعيه بمن عنده من الأمراء والعسكر، بحكم ما استقر بينهما من الصلح واليمين، فسار سنقر الأشقر من صهيون، فلما نزل السلطان بظاهر حمص، وصل إليه الملك المنصور صاحب حماة بعسكره، ثم وصل سنقر الأشقر وصحبته