للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن ولاه محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الأمر في استدعاء الناس في الباطن، ثم مات محمد، فولاه ابنه إِبراهيم الإمام بن محمد ذلك، ثم الأئمة من ولد محمد، ولما قوى أبو مسلم على نصر بن سيار، ورأى نصر أن أمر أبي مسلم كلما جاء في قوة، كتب إلى مروان بن محمد يعلمه بالحال، وأنه يدعو إلى إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وكتب أبيات شعر وهي:

أرى تحتَ الرماد وميضَ نارٍ ... وأوشك أن تكون لها ضرامُ

فإِن لم يُطفها عقلاءُ قوم ... يكون وقودها جثث وهامُ

فقلت من التعجب ليتَ شعري ... أأيقاظ أمية أم نيامُ

وكان مقام إِبراهيم الإمام وأهله بالشراة، من الشام، بقرية يقال لها الحميمة، والحميمة، بضم الحاء المهملة، وميم مفتوحة، وياء مثناهْ من تحتها ساكنة، ثم ميم وهاء، هي عن الشوبك أقل من مسيرة يوم، بينها وبين الشوبك وادي موسى، وهي من الشوبك قبلة بغرب، وتلك البقعة التي هي من الشوبك، إِلى جهة الغرب، والقبلة، يقال لها الشراة.

ولما بلغ مروان الحال، أرسل إِلى عامله بالبلقاء، أن يسير إِليه إبراهيم بن محمد المذكور، فشدّه وثاقاً، وبعث به إِليه، فأخذه مروان وحبسه في حران، حتى مات إِبراهيم في حبسه، وكان مولده في سنة اثنتين وثمانين.

ثم دخلت سنة ثلاثين ومائة، في هذه السنة، دخل أبو مسلم مدينة مرو ونزل في قصر الإمارة، في ربيع الآخر، وهرب نصر بن سيار من مرو، ثم وصل قحطبة من عند الإمام إِبراهيم بن محمد إِلى أبي مسلم، ومعه لواء كان قد عقده له إِبراهيم، فجعل أبو مسلم قحطبة في مقدمته، وجعل إِليه العزل والاستعمال، وكتب إلى الجنود بذلك.

وفيها أعني سنة ثلاثين ومائة، وقيل سنة ست وثلاثين، توفي ربيعة الرأي ابن فروج، فقيه أهل المدينة، أدرك جماعة من الصحابة، وعنه أخذ العلم الإمام مالك.

ثم دخلت سنة إِحدى وثلاثين ومائة، فيها مات نصر بن سبار بساوة، قرب الري، وكان عمره خمساً وثمانين سنة، وفيها، أيضاً توفي أبو حذيفة، واصل بن عطاء الغزال المعتزلي، وكان مولده سنة ثمانين للهجرة، وكان يشتغل على الحسن البصري، ثم اعتزل عنه، وخالف في قوله في أصحاب الكبائر من المسلمين، أنهم ليسوا مؤمنين ولا كافرين، بل لهم منزلة بين المنزلتين، فسمي وأصحابه معتزلة، وكان واصل المذكور، يلثغ بالراء، ويتجنب اللفظ بالراء في كلامه، حتى ذكر ذلك في الأشعار فمنه في المديح:

نعم تجنب لا يوم العطاء كما ... تجنب ابن عطاء لثغة الراء

ولم يكن واصل بن عطاء غزّالا، وإنما كان يلازم الغّزالين، ليعرف المتعففات من النساء، فيحمل صدقته لهن.

وفيها أعني سنة إِحدى وثلاثين ومائة، توفي بالبصرة مالك بن دينار، من موالي بني أسامة بن ثور القرشي، العالم الناسك الزاهد المشهور، وما أحسن ما وري باسم مالك المذكور، واسم أبيه دينار، بعض الشعراء، في ملك اقتتل مع أعدائه، وانتصر عليهم،

<<  <  ج: ص:  >  >>