للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اقتتلوا على فلسطين، فانهزم ثابت بن نعيم، وتفرق أصحابه، وأسر ثلاثة من أولاده، فبعث بهم أبو الورد إِلى مروان، وأعلمه بالنصر.

ثم سار مروان بن محمد إِلى قرقيسيا، فخلعه سليمان بن هشام بن عبد الملك، واجتمع إِليه من أهل الشام سبعون ألفاً، وعسكر بقنسرين، وسار إِليه مروان من قرقيسيا، والتقوا بأرض قنسرين، وجرى بينهم قتال شديد، ثم انهزم سليمان بن هشام وعسكره، واتبعهم خيل مروان يقتلون ويأسرون، فكانت القتلى من عسكر سليمان تزيد على ثلاثين ألفاً، ثم إِن سليمان وصل إِلى حمص، واجتمع إِليه أهلها وبقية المنهزمين، فسار إِليهم مروان وهزمهم ثانية، وهرب سليمان إلى تدمر، وعصى أهل حمص، فحاصرهم مروان مدة طويلة، ثم طلبوا الأمان، وسلموا إِلى مروان من كان عليهم من الولاة، من جهة سليمان، فأجابهم إِلى ذلك ومنهم.

وفي هذه السنة، أعني سنة سبع وعشرين ومائة، مات محمد بن واسع الأزدي الزاهد.

وفيها مات عبد الله بن إسحاق. مولى الحضرمي من خلفاء عبد شمس، وكنيته أبو بحر، وكان إِماماً في النحو واللغة، وكان يعيب الفرزدق في شعره، وينسبه إلى اللحن، فهجاه الفرزدق بقوله:

ولو كان عبد الله مولى هجوته ... ولكن عبد الله مولى مواليا

فقال له عبد الله: وقد لحنت أيضاً في قولك مولى مواليا، يل ينبغي أن تقول مولى موالي.

ثم دخلت سنة ثمان وعشرين ومائة، فيها أرسل مروان بن محمد، يزيد بن هبيرة إِلى العراق، لقتال من به من الخوارج، وكان بخراسان نصر بن سيار، والفتنة بها قائمة، بسبب دعاة بني العباس.

وفيها مات عاصم بن أبي النجود، صاحب القراة، والنجود الحمارة الوحشية.

ظهور دعوة بني العباس ثم دخلت سنة تسع وعشرين ومائة، فيها ظهرت دعوة بني العباس بخراسان، وكان يختلف أبو مسلم الخراساني من خراسان، إلى إِبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وكان يُسمى إِبراهيم الإمام، ومنه إلى خراسان، ليستلم منه إِبراهيم الأحوال، فلما كانت هذه السنة، استدعى إِبراهيم أبا مسلم من خراسان، فسار إِليه، ثم أرسل إليه إِبراهيم أن ابعث إِلي بما معك من المال مع قحطبة، وارجع إلى أمرك من حيث وافاك كتابي، ووافاه الكتاب بقومس، فامتثل أبو مسلم ذلك، وأرسل ما معه إِلى إِبراهيم مع قحطبة، ورجع أبو مسلم إلى خراسان، فلما وصل إِلى مرو أظهر الدعوة لبني العباس، فأجابه الناس، وأرسل إِلى بلاد خراسان بإظهار ذلك، وذلك بعد أن كان قد سعى في ذلك سراً مدة طويلة، ووافقه الناس في الباطن، وأظهروا ذلك في هذه السنة، وجرى بين أبي مسلم، وبين نصر بن سيار، أمير خراسان من جهة بني أمية، مكاتبات ومراسلات يطول شرحها، ثم جرى بينهما قتال، فقتل أبو مسلم بعض عمال نصر بن سيار، على بعض بلاد خراسان، واستولى على ما بأيديهم، وكان أبو مسلم من أهل خطرنية من سواد الكوفة، وكان قهرماناً لإِدريس معقل العجلي، ثم صار إِلى

<<  <  ج: ص:  >  >>