المصلحة بتوجهي بعسكر حماة، فتوجهت أنا والعساكر المذكورة، ودخلنا إلى حلب في يوم الخميس والجمعة، ثالث عشر المحرم، لكثرة العساكر، فأبحرت في يومين، ثم سرنا من حلب إلى عين تاب، ثم إلى نهر مرزبان، ثم إلى رعبان، ثم إلى النهر الأزرق، وعبرنا على قنطرة عليه رومية، معمولة بالحجر النحيت لم أشاهد مثلها في سعتها، وسرنا وجعلنا حصن منصور يميننا، وصار منا في جهة الشمال، ووصلنا إلى ذيل الجبل ونزلنا عند خان هناك يقال له خان قمر الدين، وعبرنا الدربند، ويسمى ذلك الدربند بلغة أهل تلك البلاد بند طجق درا بضم الطاء المهملة والجيم وسكون القاف وفتح الدال والراء المهملتين ثم ألف، وبقي العسكر ينجر في الدربند يومين وليلتين لضيقه وحرجه، ثم سرنا إلى زبطرة، وهي مدينة صغيرة خراب، ثم نزلنا على ملطية بكرة الأحد المذكور، أعني الثاني والعشرين من المحرم، الموافق للسابع والعشرين من نيسان وطلبت العساكر ميمنة وميسرة، وأحدقنا بها، وفي حال الوقت خرج منها الحاكم فيها، ويسمى جمال الدين الخضر، وهو من بيت بعض أمراء الروم، وكان والده وجده حاكماً في ملطية أيضاً، ويعرف خضر المذكور بمزامير، ومعناه الأمير الكبير بلغة نصارى تلك البلاد، وفتح باب ملطية القبلي وخرج معه قاضيها وغيرهما من أكابرها، وطلبوا منا الأمان، فأمنهم الأمير سيف الدين تنكز مقدم العسكر، واتفق أن الباب القبلي الذي فتح، كان قبالة موقفي بعسكر حماة، فأرسلت الأمير صارم الدين أزبك الحموي وجماعة معه، وأمرته بحفظ الباب، فإني خفت من طمع العسكر، لثلا ينهبوا ملطية، وليس معنا أمر بذلك، وحفظ الباب حتى حضر الأمير سيف الدين تنكز، وكان موقفه في الجانب الآخر، فلما حضر، وأقام جماعة من الأمراء بحفظ باب المدينة، ثم إن العسكر والطماعة هجموا مدينة ملطية من الباب المذكور، وكذلك هجمها جماعة من العسكر من الجانب الآخر، وأراد سيف الدين تنكز منعهم عن ذلك، فخرج الأمر عن الضبط لكثرة العساكر الطماعة، فنهبوا جميع مفيها من أموال المسلمين والنصارى، حتى لم يدعوفيها إلا ما كان مطموراً، ولم يعلموا به، وكذلك استرقوا جميع أهلها من المسلمين والنصارى، ثم بعد ذلك حصل الإنكار التام على من يسترق مسلماً أو مسلمة، وعرضوا الجميع، فأطلق جميع المسلمين من الرجال والنساء، وأما أموالهم فإنها ذهبت، واستمر النصارى في الرق عن آخرهم، وأسر منها ابن كربغا شحنة التتر بتلك البلاد، وكذلك أسر منها الشيخ مندو، وهو صاحب حصن أركني، وكان مندو المذكور قعيداً لقصاد التتر، وكان يتبع قصاد المسلمين ويمسكهم، وكان من أضر الناس على المسلمين، ولما أمسك، سلم إلى الأمير سيف الدين قلى، وسلمه المذكور إلى بعض مماليكه التتر، فهرب مندو المذكور، وهرب معه المملوك الذي كان مرسماً عليه، ثم لما