ابن الزبير، بويع لعبد الملك بالحجاز واليمن، واجتمع الناس، على طاعته.
وفي هذه السنة أعني سنة ثلاث وسبعين، توفي عبد الله بن عمر بن الخطاب، رضي الله عنهما، وكان موته بعد قتل ابن الزبير بثلاثة أشهر، وعمره سبع وثمانون سنة.
ثم دخلت سنة أربع وسبعين، فيها هدم الحجاج الكعبة، وأخرج الحجر عن البيت، وبنى البيت على ما كان عليه في زمن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو على ذلك إلى الآن، واستمر الحجاج أميراً على الحجاز.
ثم دخلت سنة خمس وسبعين، فيها أرسل عبد الملك إِلى الحجاج بولاية العراق، فسار من المدينة إِلى الكوفة، وخرج في أيام ولاية الحجاج العراق شبيب الخارجي، وكثرت جموعه، وجرى له مع الحجاج حروب كثيرة، آخرها أن جموع شبيب تفرقت، وتردّى به فرسه من فوق جسر، وسقط شبيب في الماء وغرق، وكذلك خرج على الحجاج، عبد الرحمن بن الأشعث، واستولى على خراسان، ثم سار إِلى جهة الحجاج، وغلب على الكوفة، وكثرت جموعه وقويت شوكته، وفي ذلك يقول بعض أصحابه:
شطب نوى من داره بالإِيوان ... إِيوان كسرى ذي القرى والزنجان
من عاشق أضحى بزابلستان ... إِن ثقيفاً منهم الكذابات
كذابها الماضي وكذاب ثان ... إنا سمونا للكفور الفتان
حتى طغى في الكفر بعد الإِيمان ... بالسيد الغطريف عبد الرحمن
سار بجمع كالدبا من قحطان ... بجحفل جم شديد الأركان
فقل الحجاج ولي الشيطان ... يثبت لجمع مذحج وهمذان
فإِنهم ساقوه كأس الديفان ... وملحقوه بقرى ابن مروان
ثم أمد عبد الملك الحجاج بالجيوش من الشام، وآخر الأمر أن جموع عبد الرحمن تفرقت، وانهزم، ولحق بملك الترك، وأرسل الحجاج يطلبه من ملك الترك، ويتهدده بالغزو إِن أخره، فقبض ملك الترك على عبد الرحمن المذكور، وعلى أربعين من أصحابه، وبعث بهم إِلى الحجاج، فلما نزل في مكان في الطريق، ألقى عبد الرحمن نفسه من سطح فمات.
ثم دخلت سنة ست وسبعين وما بعدها إلى إحدى وثمانين، فيها توفي أبو القاسم محمد بن علي بن أبي طالب، المعروف بابن الحنفية.
ثم دخلت سنة اثنتين وثمانين فيها توفي المهلب بن أبي صفرة الأزدي، وكان من الأجواد المشهورين بالكرم والشهامة، وكان الحجاج قد ولى المهلب خراسان، ومات المهلب بمرو الرود، واستخلفَ بعده ابنه يزيد بن المهلب، ولما دنت من المهلب الوفاة، أحضر السهام لأولاده وقال: أتكسرونها مجتمعة؟ قالوا: لا قال أتكسرونها متفرقة؟ قالوا: نعم، قال هكذا أنتم.
وفي هذه السنة أعني سنة اثنتين وثمانين توفي خالد بن يزيد بن معاوية، وكان من المعدودين في بني أمية بالسخاء والفصاحة والعقل.
ثم دخلت سنة ثلاث وثمانين،