يقتل بني أمية من أولاد الخلفاء وغيرهم، فلم يفلت منهم غير رضيع، أو من هرب إِلى الأندلس، وكذلك قَتَل سليمان ابن علي بن عبد الله بن عباس بالبصرة، جماعة من بني أمية، وألقاهم في الطريق فأكلتهم الكلاب، ولما رأى من بقي من بني أمية ذلك، تشتتوا واختفوا في البلاد.
وفي هذه السنة أعني سنة اثنتين وثلاثين ومائة، خلع أبو الورد بن الكوثر، وكان من أصحاب مروان بن محمد، طاعة بني العباس، بعد أن كان قد دخل في طاعتهم، فسار عبد الله بن علي ابن عبد الله بن عباس، إِلى أبي الورد، وهو بقنسرين، في جمع عظيم، واقتتلوا قتالاً شديداً، وكثر القتل في الفريقين، ثم انهزمت أصحاب أبي الورد، وثبت أبو الورد حتى قتل.
ولما فرغ عبد الله بن علي من أمر أبي الورد، من أهل قنسرين، وجدد البيعة معهم، ثم رجع إِلى دمشق، وكان قد خرج من بها عن الطاعة أيضاً، ونهبوا أهل عبد الله بن علي، فلما دنا عبد الله من دمشق، هربوا، ثم أمنهم.
وفيها ولى السفاح أخاه يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس الموصل، وكان أهلها قد أخرجوا الوالي الذي بها، فسار يحيى إِلى الموصل، ولما استقر بها، قتل من أهلها نحو أحد عشر ألف رجل، ثم أمر بقتل نسائهم وصبيانهم، وكان مع يحيى قائد معه أربعة آلاف زنجي، فاستوقفت امرأة من الموصل يحيى، وقالت: مأنف للعربيات أن ينكحن الزنوج، فعمل كلامها فيه، وجمع الزنوج فقتلهم، عن آخرهم.
وفي هذه السنة أرسل السفاح أخاه أبا جعفر المنصور، والياً على الجزيرة وأذربيجان وأرمنية، وولى عمه داود المدينة ومكة واليمن واليمامة، وولى ابن أخيه عيسى بن موسى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، الكوفة وسوادها، وكان على الشام عمه عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس، وعلى مصر أبو عون بن يزيد، وعلى خراسان والجبال أبو مسلم.
ثم دخلت سنة ثلاث وثلاثين ومائة، فيها استولى ملك الروم، وكان اسمه قسطنطين على ملطية، وقاليقلا، وفيها ولى السفاح عمه سليمان بن علي ابن عبد الله بن عباس، البصرة وكور دجلة والبحرين وعمان، واستعمل عمه إِسماعيل ابن علي بن عبد الله بن عباس على الأهواز.
وفيها مات عم السفاح داود بن علي بالمدينة، وولى السفاح مكانه زياد بن عبد الله الحارثي.
وفيها عزل السفاح أخاه يحيى بن محمد عن الموصل، لكثرة قتله فيهم، وولى عليها عمه إِسماعيل بن علي.
ثم دخلت سنة أربع وثلاثين ومائة فيها تحول السفاح من الحيرة، وكان مقامه بها، إِلى الأنبار، في ذي الحجة.
ثم دخلت سنة خمس وثلاثين ومائة فيها توفي يحيى أخو السفاح بفارس، وكان قد ولاه إِياها السفاح بعد عزله عن الموصل.
ثم دخلت سنة ست وثلاثين ومائة فيها استأذن أبو مسلم السفاح في القدوم عليه، وفي الحج، فأذن له فحج أبو مسلم، وحج أبو جعفر المنصور أيضاً، وكان أبو جعفر هو أمير الموسم.