للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بجاية وقتل المذكورين، أرسل إلى بجاية من قتل أبا إسحاق إبراهيم، وجاء برأسه، ثم تحدث الناس بدعوة الداعي، واجتمعت العرب على عمر بن أبي زكريا بعد هروبه من المعركة، وقوي أمره، وقصد الداعي ثانياً بتونس وقهره، واستتر الداعي في دور بعض التجار بتونس، ثم أحضر واعترف بنسبه، وضربت عنقه. فكان الداعي المذكور من أهل بجاية، واسمه أحمد بن مرزوق بن أبي عمار، وكان أبوه يتجر إلى بلاد السودان، وكان الداعي المذكور محارفاً قصيفاً، وسار إلى ديار مصر ونزل بدار الحديث الكاملية، ثم عاد إلى المغرب، فلما مر على طرابلس كان هناك شخص أسود يسمى نصيراً، كان خصيصاً بالواثق المخلوع، قد هرب لما جرى للواثق ما جرى، وكان في أحمد الداعي بعض الشبه من الفضل بن الواثق، فدبر مع نصير المذكور الأمر، فشهد له أنه الفضل بن الواثق، فاجتمعت عليه العرب، وكان منه ما ذكرناه حتى قتل، وكان الداعي يخطب له بالخليفة الإمام المنصور بالله، القائم بحق الله، أمير المؤمنين، ابن أمير المؤمنين أبي العباس الفضل.

ولما استقر أبو حفص عمر في المملكة وقتل الداعي، تلقب بالمستنصر بالله أمير المؤمنين، وهو المستنصر الثاني، ولما استقر في المملكة سار ابن أخيه يحيى ابن إبراهيم بن أبي زكريا الذي سلم من المعركة إلى بجاية، وملكها وتلقب بالمنتخب لإحياء دين الله، أمير المؤمنين، واستمر المستنصر الثاني أبو حفص عمر ابن أبي زكريا في مملكته حتى توفي، وفي أوائل المحرم سنة خمس وتسعين وستمائة، ولما اشتد مرضه بايع لابن له صغير، فاجتمعت الفقهاء وقالوا له: أنت صائر إلى الله، وتولية مثل هذا لا يحل فأبطل بيعته، وأخرج ولد الواثق المخلوع، الذي كان صغيراً وسلم من الذبح، الملقب بأبي عصيدة، وبويع صبيحة موت أبي حفص عمر الملقب بالمستنصر. وكان اسم أبي عصيدة المذكور، أبا عبد الله محمد، وتلقب أبو عصيدة بالمستنصر، أيضاً، وهو المستنصر الثالث، وتوفي في أيامه صاحب بجاية المنتخب، يحيى بن إبراهيم بن أبي زكريا، وملك بعده بجاية ابنه خالد بن يحيى، وبقي أبو عصيدة لذلك حتى توفي سنة تسع وسبعمائة.

فملك بعده شخص من الحفصيين يقال له أبو بكر بن عبد الرحمن بن أبي بكر

ابن أبي زكريا بن عبد الواحد بن أبي حفص، صاحب ابن تومرت، وأقام في الملك ثمانية عشر يوماً، ثم وصل خالد بن المنتخب صاحب بجاية، ودخل تونس، وقتل أبا بكر المذكور في سنة تسع وسبعمائة. ولما جرى ذلك، كان زكريا اللحياني بمصر، فسار مع عسكر السلطان الملك الناصر، خلد الله ملكه، إلى طرابلس الغرب، وبايعه العرب، وسار إلى تونس فخلع خالد بن المنتخب وحبس، ثم قتل قصاصاً بأبي بكر ابن عبد الرحمن المقدم الذكر، واستقر اللحياني في ملك إفريقية، وهو ابن يحيى زكريا بن أحمد بن محمد الزاهد اللحياني بن عبد الواحد بن أبي

<<  <  ج: ص:  >  >>