للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر وفاة سقمان في هذه السنة توفي سقمان بن أرتق بن أكسب، كذا ذكره ابن الأثير أنه أكسب بالباء، وصوابه أكسك بكافين، ذكر ذلك أيضاً ابن خلكان، وكان وفاة سقمان في القريتين لأنه كان متوجهاً إلى دمشق، باستدعاء طغتكين بسبب الفرنج، ليجعله مقابلتهم بحكم مرض طغتكين، فلحق سقمان الخوانيق في مسيره فتوفي في القريتين في صفر من هذه السنة، وخلف سقمان اثنين هما إبراهيم وداود، وحمل سقمان في تابوت إلى حصن كيفا فدفن به، ولما مات سقمان كان مالكاً لحصن كيفا ماردين، أما ملكه لحصن كيفا فقد ذكرنا ذلك، وصورة تسليم موسى التركماني صاحب الموصل الحصن له لما استنجد به على جكرمش، وأما ملكه ماردين فنحن نورده من أول الحال.

وهو أن ماردين كان قد وهبها هي وأعمالها، السلطان بركيارق لإنسان مغن، ووقع حرب بين كربوغا صاحب الموصل وبين سقمان، وكان مع سقمان ابن أخيه ياقوتي وعماد الدين زنكي ابن أقسنقر، وهو إذ ذاك صبي، فانهزم سقمان وأخذ ابن أخيه ياقوتي أسيراً، فحبسه كربوغا في قلعة ماردين، وبقي ياقوتي في حبسه مدة، فمضت زوجة أرتق إلى كربوغا وسألته في إطلاق ابن ابنها ياقوتي، فأجابها كربوغا إلى ذلك وأطلقه، فأعجبت ياقوتي ماردين، وأرسل يقول لصاحبها المغني إن أذنت لي سكنت في ربض قلعتك وجلبت إليها الكوبات وحميتها من المفسدين، ويحصل لك بذلك النفع، فأذن له المغني بالمقام في الربض فأقام ياقوتي بماردين.

وجعل يغير من باب خلاط إلى بغداد ويستصحب معه حفاظ قلعة ماردين ويحسن إليهم ويؤثرهم على نفسه، فاطمأنوا إليه، وسار مرة ونزل معه أكثرهم، فقيدهم وقبضهم وأتى إلى باب قلعة ماردين ونادى من بها من أهليهم إن فتحتم الباب وسلمتم إلي القلعة وإلا ضربت أعناقهم جميعهم، فامتنعوا، فأحضر واحداً منهم وضرب عنقه، ففتحوا له باب القلعة وتسلمها ياقوتي وأقام بها، ثم جمع ياقوتي جمعاً وقصد نصيبين، ولحقه مرض حتى عجز عن لبس السلاح وركوب الخيل، وحمل على فرسه وركبه، فأصابه سهم فسقط ياقوتي منه ومات، ثم ملك ماردين بعد ياقوتي أخوه علي، وصار في طاعته جكرمش صاحب الموصل، واستخلف على ماردين بعض أصحابه وكان اسمه علياً أيضاً، فأرسل علي يقول لسقمان: إن ابن أخيك يريد أن يسلم ماردين إلى جكرمش، فسار سقمان بنفسه وتسلم ماردين، فطالبه ابن أخيه علي بردها إليه، فلم يفعل سقمان ذلك، وأعطاه جبل جور عوضها، واستقرت ماردين وحصن كيفا لسقمان حتى سار إلى دمشق ومات بالقريتين، فصارت ماردين لأخيه أيلغازي بن أرتق، وصارت حصن كيفا لابنه إبراهيم بن سقمان المذكور، وبقي إبراهيم بن سقمان مالكاً لحصن كيفا حتى توفي، وملكها بعده أخوه داود بن سقمان حتى توفي، وملكها بعدهما

<<  <  ج: ص:  >  >>