وأمسك ابن رائق بعض الأجناد الحجرية، وأجاب ابن البريدي إِلى ما طلب منه، ثم عاد الراضي وابن رائق إِلى بغداد، ثم نكث أبو عبد الله بن البريدي عما أجاب إِليه، فأرسل ابن رائق عسكراً مع بجكم، واقتتل مع أبي عبد الله بن اليريدي، فانهزم ابن البريدي إِلى عماد الدولة بن بويه، وطمّعه في العراق وهون عليه أمر الخليفة.
[غير ذلك من الحوادث]
وفي هذه السنة، أساء عامل صقلية السيرة، وظلم، وكان عاملاً للقائمَ العلوي، واسمه سالم بن راشد فعصت عليه جرجنت، من صقلية، وكتب إِلى القائم بذلك، فجهز إِليه عسكراً وحاصروا جرجنت، فاستنجد أهل جرجنت بملك قسطنطينية فأنجدهم، ودام الحصار إِلى سنة تسع وعشرين، فسار بعض أهلها، ونزل الباقون بالأمان، فأخذوا كبارهم وجعلوهم في مركب، ليقدموا على القائم بإفريقية، فلما توسطوا اللجة، أمر مقدم جيش القائم فنقب مركبهم، وغرقوا عن آخرهم. وفيها توفي عبد الله بن محمد الخزاز النحوي، وله تصانيف في علوم القرآن.
ثم دخلت سنة ست وعشرين وثلاثمائة في هذه السنة سار معز الدولة بأمر أخيه عماد الدولة ابن بويه إِلى الأهواز، وتلك البلاد، فاستولى عليها، وكان سبب ذلك مسير ابن البريدي إلى عماد الدولة كما أشرنا إليه.
قطع يد أبي علي ابن مقلة وكان سببه: أنه سعى في القبض على ابن رائق، وإقامة بجكم موضعه وعلم ابن رائق بذلك، فحبسه الراضي لأجل ابن رائق وترددت الرسل بين الراضي وبين ابن رائق في معنى ابن مقلة مرات عدة، وآخرها أنهم أخرجوا ابن مقلة فقطعوا يده في منتصف شوال، وعولج فبرأ، وعاد يسعى في الوزارة، وكان يشد القلم على يده المقطوعة ويكتب، ثم بلغ ابن رائق سعيه، وأنه يدعو عليه وعلى الراضي، فأمر بقطع لسانه، فقطع، وضيق عليه في الحبس، ثم لحق ابن مقلة مع ما هو فيه الذرب، ولم يكن عنده في الحبس من يخدمه، فقاسى شدة إِلى أن مات في الحبس، في شوال سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة، ودفن بدار الخليفة، ثم إِن أهله سألوا فيه فنبش وسلم إِليهم، فدفنوه في داره، ثم نبش ونقل إِلى دار أخرى، ومن العجب أنه ولي الوزارة ثلاث دفعات، ووزر لثلاثة خلفاء: المقتدر، والقاهر، والراضي. وسافر ثلاث سفرات، اثنتين إِلى شيراز، وواحدة في وزارته إِلى الموصل، ودفن بعد موته ثلاث مرات.
استيلاء بجكم على بغداد وفي هذه السنة، سار بجكم من واسط إِلى بغداد، غرة ذي القعدة، وجهز ابن رائق إِليه عسكراً، فهزمهم بجكم، ولما قرب من بغداد هرب ابن رائق إِلى عكبراَ، واستتر، ودخل