بجكم بغداد ثالث عشر ذي القعدة، فخلع عليه الراضي وجعله أمير الأمراء، وكانت مدة إِمارة ابن رائق سنة وعشرة أشهر وستة عشر يوماً، وهذا بجكم كان مملوكاً لوزير ماكان بن كاكي الديلمي. ثم أخذه ما كان منه، ثم إنه فارق ماكان مع من فارقه، ولحق بمرداويج، ثم كان في جملة من قتل مرداويج، ثم سار إلى العراق واتصل بخدمة ابن رائق، وانتسب إِليه حتى كتب على رايته الرائقي وسيره ابن رائق إلى الأهواز فاستولى عليها، وطرد ابن البريدي، ثم لما استولى ابن بويه على الأهواز، سار بجكم إِلى واسط. ثم سار إِلى بغداد، فطرد ابن رائق واستولى على بغداد وعلى حضرة الخليفة.
غير ذلك من الحوادث في هذه السنة فسد حال القرامطة، ووقع بينهم الفتن والقتل، فاستقروا في هجر.
ثم دخلت سنة سبع وعشرين وثلاثمائة فيها سار بجكم والراضي إِلى الموصل، فهرب ناصر الدولة بن حمدان عنها، ثم حمل مالاً واستقر الصلح معه، ثم عاد الخليفة وبجكم إلى بغداد، وظهر ابن رائق مع جماعة انضموا إِليه ببغداد، قبل وصول الخليفة إِليها، فخافه الخليفة وبجكم، ثم استقر الحال على أن يولي على حرّان والرها وقنسرين والعواصم، فسار ابن رائق واستولى عليها.
غير ذلك من الحوادث في هذه السنة، عصى أمية بن إسحاق على عبد الرحمن الأموي بشنترين واستنجد بالجلالقة، فأنجدوه وهزموا المسلمين، ثم التقوا مرة ثانية، فانهزمت الجلالقة وكثر القتل فيهم، وطلب أمية المذكور الأمان من عبد الرحمن الأموي، فأمنه. وفيها مات عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، صاحب الجرح والتعديل، وعثمان بن خطاب أبو الدنيا، المعروف بالأشج، الذي يقال إِنه لقي علي بن أبي طالب، وله صحيفة تروى عنه ولا تصح، وقد رواها كثير من المحدثين على علم منهم بضعفها. وفيها توفي محمد بن جعفر بمدينة يافا، صاحب التصانيف المشهورة كاعتلال القلوب وغيره. وفيها توفي الكعبي المعتزلي، واسمه عبد الله ابن أحمد بن محمود، وكنيته أبو القاسم وهو صاحب مقالة.
ثم دخلت سنة ثمان وعشرين وثلاثمائة.
استيلاء ابن رائق على الشام
وفي هذه السنة، استولى ابن رائق على الشام، فاستولى على دمشق وحمص، وطرد بدراً نائب الأخشيد، وسار حتى بلغ العريش يريد الديار المصرية، فخرج إِليه الأخشيد وجري بينهم قتال شديد، آخره أن ابن رائق انهزم إِلى دمشق ثم جهز الأخشيد إِليه جيشاً مع