أخيه، واقتتلوا، فانهزم عسكر الأخشيد، وقتل أخوه فأرسل ابن رائق يعزي الأخشيد في أخيه ويقول له: إِنه لم يقتل بأمري. وأرسل ولده مزاحم وقال: إِن أحببت فاقتل ولدي به، فخلع الأخشيد على مزاحم وأعاده إلى أبيه، واستقرت مصر للأخشيد، والشام لمحمد بن رائق.
غير ذلك من الحوادث في هذه السنة قتل طريف السبكري بالثغر، وفيها توفي محمد الكسليني - بالنون - وهو من أئمة الإمامية، ومحمد بن أحمد المعروف بابن شنبوذ المقري، وأبو محمد المرتعش، وهو من مشايخ الصوفية، وفيها توفي أبو بكر محمد بن القاسم المعروف بابن الأنباري، وهو مصنف كتاب الوقف والإبتداء الإمام المشهور في النحو والأدب، وكان ثقة وولد سنة إحدى وسبعين ومائتين وفيها توفي أبو عمر أحمد بن عبد ربه بن حبيب القرطبي، مولى هشام بن عبد الرحمن الداخل إِلى الأندلس، الأموي، وكان من العلماء المكثرين من المحفوظات وصنف كتابه العقد، وهو من الكتب النفيسة، ومولده في سنة ست وأربعين ومائتين. ثم دخلت سنة تسع وعشرين وثلاثمائة.
موت الراضي بالله وفي هذه السنة، في منتصف ربيع الأول مات الراضي بالله، أبو العباس أحمد ابن المقتدر بالله أبي الفضل جعفر بن المعتضد بالله أبي العباس أحمد بن الموفق طلحة. وكانت خلافته ست سنين وعشرة أيام، وكان عمره اثنتين وثلاثين سنة وكان مرضه علة الاستسقاء وكان أديباً شاعراً فمن شعره:
يصفر وجهي إذا تأمله ... طرفي فيحمر وجهه خجلاً
حتى كأن الذي بوجنته ... من دم وجهي إِليه قد نقلا
ومن شعره أيضاً من أبيات:
كل صفو إِلى كدر ... كل أمن إِلى حذرْ
أيها الآمن الذي ... تاه في لجة الغرر
أينَ مَنْ كان قبلنا ... درسَ العينُ والأثرْ
درً در ُالمشيب من ... واعظٍ يُنذر البشرْ
وكان الراضي سخياً، يحب الأدباء والفضلاء وكان سنان بن ثابت الصابي الطبيب من جملة ندماء الراضي وجلسائه، وكان الراضي أسمر خفيف العارضين، وأمه أم ولد، اسمها ظلوم، وهو آخر خليفة له شعْر يدون، وآخر خليفة خطب كثيراً على منبر، وإن كان غيره قد خطب، فإِنه كان ناَدراً، لا اعتبار به، وكان آخر خليفة جالس الجلساء، وآخر خليفة كانت نفقته، وجراياته وخزانته، ومطابخه، وأموره، على ترتيب الخلفاء المتقدمين.