والحسين ما هما أهله، فأمر مماليكه فداسوا بطَنه، فحمل إِلى داره فمات بعد غد ذلك اليوم. وقيل إن المتوكل لما سأل ابن السكيت عن ولديه، وعن الحسن والحسين، قال له ابن السكيت: والله إِن قنبراً خادم علي خير منك ومن ولديك. فقال المتوكل سلوا لسانه من قفاه، ففعلوا به ذلك، فمات لساعته، في رجب في هذه السنة المذكورة، وكان عمره ثمانياً وخمسين سنة والسكيت بكسر السين المهملة وتشديد الكاف فعيل، اسم لكثير السكوت والصمت.
ثم دخلت سنة خمس وأربعين ومائتين في هذه السنة توفي ذو النون المصري، في ذي القعدة، وأبو علي الحسين بن علي، المعروف بالكرابيسي، صاحب الشافعي.
ثم دخلت سنة ست وأربعين ومائتين فيها تحول المتوكل إلى الجعفري، وكان قد ابتدئ في عمارته سنة خمس وأربعين ومائتين، وأنفق عليه أموالاً تجل عن الحصر، وكان يقال لموضعه الماحورة وفيها توفي دعبل بن علي الخزاعي الشاعر، وكان مولده سنة ثمان وأربعين ومائة، وكان يتشيع.
ثم دخلت سنة سبع وأربعين ومائتين.
مقتل المتوكل في هذه السنة قتل المتوكل جماعة بالليل بالسيوف، وقت خلوته، باتفاق من ابنه المنتصر، وبغا الصغير الشرابي، وقتل في مجلس شرابه، وقتل معه وزيره الفتح ابن خاقان، وكان قتله ليلة الأربعاء لأربع خلون من شوال، وكانت خلافته أربع عشرة سنة وعشرة أشهر وثلاثة أيام، وعمره نحو أربعين سنة، وكان أسمر خفيف العارضين.
بيعة المنتصر وهو حادي عشرهم، لما أصبح نهار الأربعاء صبيحة الليلة التي قتل فيها المتوكل حضر الناس والقواد والعساكر إلى الجعفري، فخرج أحمد بن الخصيب إِلى الناس، وقر عليهم كتاباً من المنتصر، أن الفتح بن خاقان قتل المتوكل فقتلته به، فبايع الناس المنتصر، صبيحة الليلة، التي قتل فيها المتوكل.
وفي هذه السنة توفي العباس أمير صقلية، فولى الناس عليهم ابنه عبد الله ابن عباس، ثم ورد من إِفريقية خفاجة بن سفيان أميراً على صقلية، فغزا وفتح في جزيرة صقلية، ثم اغتاله رجل من عسكره، فقتله وهرب القاتل إِلى المشركين، ولما قتل خفاجة استعمل الناس ابنه محمد بن خفاجة، ثم أقره على ولايته محمد بن أحمد بن الأغلب صاحب القيروان، وبقي محمد بن خفاجة أميراً على صقلية إِلى سنة سبع وخمسين ومائتين، فقتله خدمه الخصيان وهربوا، فأدركهم الناس وقتلوهم، على ما سنذكره إِن شاء الله تعالى.
وفي هذه السنة توفي أبو عثمان بكر بن محمد المازني النحوي الإمام في العربية.