للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتحريمها، بعد أن كان أمر بها " فقال المأمون: أمحفوظ هذا عن الزهري؟ قال: نعم. رواه عنه جماعة، منهم مالك رضي الله عنه، فقال: المأمون: أستغفر الله، فبادروا بتحريم المتعة، والنهي عنها، ولم يكن في يحيى بن أكثم ما يعاب به سوى ما يتهم به من محبة الصبيان، وقد قيل فيه بسبب ذلك عدة أشعار منها:

وكنا نرجى أن نرى العدل ظاهراً ... فاعقبنا بعد الرجاء قنوط

متى تصلح الدنيا ويصلح أهلها ... وقاضي قضاة المسلمين يلوط

ولأحمد بن نعيم في ذلك:

أنطقني الدهر بعد إِخراس ... لنائبات أطلن وسواسي

لا أفلحت أمة وحق لها ... بطول نكس وطول إِتعاسِ

ترضى بيحيى يكون سايسها ... وليس يحيى لها بسواسِ

قاضٍ يرى الحد في الزناء ولا ... يرى على من يلوط من باسِ

يحكم للأمرد العذير على ... مثل جرير ومثل عباسِ

فالحمد لله كيف قد ذهب ال ... عدل وقل الوفاء في الناسِ

أميرنا يرتشي وحاكمنا ... يلوط والرأس شر ما راسِ

لا أحسب الجور ينقضي ... وعلى الأمة وال من آل عباس

وأكثم بالثاء المثناة من فوقها والثاء المثلثة كلاهما لغتان، وهو الرجل العظيم البطن، والشبعان أيضاً.

ثم دخلت سنة ثلاث وأربعين ومائتين في هذه السنة سار المتوكل إِلى دمشق في ذي القعدة. وفيها مات إِبراهيم بن العباس بن محمد بن صول الصولي وفيها توفي الحارث بن أسد المحاسبي الزاهد، وكان قد هجره أحمد بن حنبل لأجل علم الكلام، فاختفى لتعصب العامة لأحمد، فلم يصل عليه غير أربعة أنفس.

ثم دخلت سنة أربع وأربعين ومائتين في هذه السنة وصل المتوكل إِلى دمشق ودخلها في صفر، وعزم على المقام بها، ونقل دواوين الملك إِليها، فقال يزيد ابن محمد المهلبي.

أظن الشام يشمت بالعراق ... إِذا عزم الإمام على انطلاق

فإِن تدع العراقَ وساكنيهِ ... فقد تبكي المليحةُ بالطلاقِ

ثم استوبأ المتوكل دمشق، واستثقل ماءها، فرجع إِلى سامراء وكان مقامه بدمشق شهرين وأياماً، وفيها غضب المتوكل على بختيشوع الطبيب، وقبض ماله ونفاه إِلى البحرين. وفيها قتل المتوكل أبا يوسف يعقوب بن إِسحاق المعروف بابن السكيت، صاحب كتاب إصلاح المنطق في اللغة وغيره وكان إِماماً اللغة والأدب، قتله المتوكل لأنه قال له أيمّا أحب إليك: ابناي المعتز والمؤيد، أم الحسن والحسين، فغض ابن السكّيت عن ابنيه، وذكر عن الحسن

<<  <  ج: ص:  >  >>