للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مد ابن عبدوس يده وصفعه، وأما ابن أبي عون فإنه مد يده ليصفعه فارتعدت يده، فقبل لحية الشلمغاني ورأسه، وقال: إلهي وسيدي ورازقي. فقالوا للشلمغاني: أما قلت إنك لم تدع الإلهية؟ فقال: إني ما ادعيتها قط وما عليّ من قول ابن أبي عون عني مثل هذا: ثم اصرفا وأحضر الشلمغاني عدة مرات بحضور الفقهاء، وآخر الأمر إِن الفقهاء أفتوا بإباحة دمه، فصلب ابن الشلمغاني وابن أبي عون، في ذي القعدة من هذه السنة، وأحرقا بالنار، فمن مذهبه، لعنه الله، أنّ الله يحل في كل شيء على قدر ما يحتمله ذلك الشيء، وأن الله خلق الضد ليدل به على المضدود، فحلّ الله في آدم، وفي إِبليس أيضاً، وكلاهما ضد لصاحبه، ومن مذهبه: أنّ الدليل على الحق، أفضل من الحق، وأن الضد أقرب إِلى الشيء من شبهه، وأن الله إِذا حلّ في جسد ناسوتي، أظهر فيه من القدرة ولمعجزة ما يدل على أنه هو، وأنّ الإلهية اجتمعت في نوح وإبليسه، ثم افترقت بعده، ثم اجتمعت في صالح وإبليسه، عاقر الناقة، ثم افترقت بعده، ثم اجتمعت في إِبراهيم وإبليسه نمرود، ثم افترقت بعدهما، وكذلك القول في هارون وفرعون، ثم في سليمان وإبليسه، ثم في عيسى وإبليسه، ثم افترقت في الحواريين، ثم اجتمعت في علي بن أبي طالب وإبليسه. ومن مذهبه: أنه من احتاج الناس إِليه، فهو إِله، ومن مذهبه ومذهب أصحابه: أنهم يسمون موسى ومحمداً صلوات الله عليهما وسلامه، الخائنين، لأن هارون وعلياً، أرسلا موسى ومحمداً فخاناهما، وأن علياً أمهل محمداً صلى الله عليه وسلم عدة سني أصحاب الكهف، وهي ثلاثمائة وخمسون سنة، فإِذا انقضت، انتقلت الشريعة. ومن مذهبه ترك الصلاة والصوم، وغيرهما من العبادات، ويبيحون الفروج، وأن يجامع الإنسان من شاء من ذوي رحمه، وأنه لا بد للفاضل منهم أن ينكح المفضول، ليولج النور فيه، وأنه من امتنع من ذلك، قلب في الدور الثاني امرأة، إِذ كان مذهبهم التناسخ، ولعل هذه المقالة هي المقالة النصرية.

غير ذلك من الحوادث وفي هذه السنة قتل إسحاق بن إِسماعيل النوبختي، قتله القاهر قبل أن يخلع، وكان النوبختي المذكور، هو الذي أشار باستخلافه وفي هذه السنة سار الدمستق إلى بلاد الإسلام، ففتح ملطية بالأمان، بعد حصار طويل، وأخرج هلها، وأوصلهم إِلى مأمنهم، وذلك في مستهل جمادى الآخرة، وفعل الروم الأفعال القبيحة بالمسلمين، وصارت أكثر البلاد في أيديهم. وفي هذه السنة توفي أبو نعيم الفقيه الجرجاني الأستراباذي، وأبو علي محمد الروزباري الصوفي. وفيها توفي حسين ابن عبد الله النساج الصوفي، من أهل سامراء، وكان من الأبدال، ومحمد بن علي بن جعفر الكتاني الصوفي المشهور، وهو من أصحاب الجنيد.

ثم دخلت سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>