وفيها توفي القاضي أبو بكر بن الباقلاني، واسمه محمد بن الطيب بن محمد بن جعفر، وكان أبو بكر المذكور، على مذهب أبي الحسن الأشعري، وهو ناصر طريقته، ومؤيد مذهبه، وسكن ببغداد، وصنف التصانيف للكثيرة في علم الكلام، وانتهت إِليه الرئاسة في مذهبه، ونسبة الباقلاني إلى بيع الباقلاء، وهي نسبة شاذة مثل صنعاني.
ثم دخلت سنة أربع وأربعمائة في هذه السنة أيضاً عاد يمين الدولة محمود، فغزا الهند وأوغل في بلادهم وغنم وفتح وعاد إِلى غزنة. وفيها عاثت خفاجة، ونهبوا سواد الكوفة، وطلع عليهم العسكر وقتل منهم وأسر.
وفي هذه السنة توفي أبو الحسن علي بن سعيد الأصطخري، وهو من شيوخ المعتزلة، وكان عمره قد زاد على ثمانين سنة.
ثم دخلت سنة خمس وأربعمائة في هذه السنة، كانت الحرب بين أبي الحسن علي بن مزيد الأسدي، وبين مضر وحسان ونبهان وطراد بني دبيس، وكان آخر تلك الحرب، أن مضر بن دبيس، كبس أبا الحسن ابن مزيد المذكور، فهزمه واستولى ابن دبيس على خيل أبي الحسن وأمواله وهرب أبو الحسن إِلى بلد النيل.
وفيها توفي الحافظ محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه بن نعيم الضبي الطهماني، المعروف بابن الحاكم النيسابوري إِمام أهل الحديث في عصره، والمؤلف فيه الكتب التي لم يسبق إِلى مثلها، سافر في طلب الحديث، وبلغت عدة شيوخه نحو ألفين، وصنف عدة مصنفات، منها الصحيحان، والأمالي، وفضائل الشافعي، وإنما عُرف أبوه بالحاكم، لأنه تولى القضاء بنيسابور.
وفيها قتل طائفة من عامة الدينور، قاضيهم أبا القاسم يوسف بن أحمد بن كج، الفقيه الشافعي، قاضي الدينور، قتلوه خوفاً منه، وله وجه في المذهب، وصنف كتباً كثيرة، وجمع بين رئاستي العلم والدنيا.
ثم دخلت سنة ست وأربعمائة وفاة باديس في هذه السنة، توفي باديس بن منصور بن يوسف بلكين بن زيري، أمير إِفريقية. وولي بعده إِمرة إِفريقية ابنه المعز بن باديس، وعمره ثمان سنين، ووصلت إِليه الخلع والتقليد من الحاكم العلوي، ولقبه شرف الدولة، وهذا المعز بن باديس هو الذي حمل أهل المغرب على مذهب الإمام مالك، وكانوا قبله على مذهب أبي حنيفة.
وفي هذه السنة غزا يمين الدولة محمود الهند على عادته، فتاه الدليل، ووقع هو وعسكره في مياه فاضت من البحر فغرق كثير ممن معه، وبقي فيه أياماً، حتى تخلص، وعاد إِلى خراسان.
وفي هذه السنة عَزَل سلطان الدولة بن بهاء الدولة نائبه بالعراق، فخر الملك، أبا غالب، وقتله سلخ ربيع الأول من هذه السنة، وكان عمر فخر الملك اثنتين وخمسين سنة وأحد عشر شهراً، وكانت مدة ولايته على العراق خمس سنين وأربعة أشهر وأياماً، ووجد له من المال ألف ألف دينار عيناً، غير العروض. وغير ما نهب، وكان قبضه بالأهواز. ثم استوزر سلطان الدولة بن بهاء