للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على منبري فاقتلوه "، وأطال في ذلك، وأمر أن يقال ذلك في البلاد، ولعن معاوية على المنابر، فقيل له: إِنّ في ذلك استطالة للعلويين، وهم في كل وقت يخرجون على السلطان ويحصل به الفتن بين الناس، فأمسك عن ذلك.

ثم دخلت سنة أربع وثمانين ومائتين في هذه السنة أخبر المنجمون الناس بغرق أكثر الأقاليم، وأن ذلك يكون بسبب كثرة الأمطار، وزيادة الأنهار، فتحفظ الناس، فقلت الأمطار، وغارت المياه، حتى استسقوا ببغداد مرات.

وفيها اختل حال هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون بمصر، واختلف القواد عليه، وانحل نظام مملكته، وكان على دمشق من جهته طغج بن جف. وفيها توفي إِسحاق بن موسى الإسفراييني الفقيه الشافعي.

ثم دخلت سنة خمس وثمانين ومائتين في هذه السنة سار المعتضد إِلى آمد، فافتتحها بالأمان، وكان صاحبها محمد بن أحمد بن عيسى بن الشيخ، ثم سار المعتضد إِلى فنسرين، فتسلمها وتسلم العواصم، من نواب هارون بن خمارويه بن أحمد بن طولون صاحب مصر، وكان هارون قد سأل المعتضد في أن يتسلم هذه البلاد منه. وفيها توفي إِبراهيم بن إسحاق، وهو من أعيان المحدثين ببغداد.

ثم دخلت سنة ست وثمانين ومائتين في هذه السنة ظهر رجل من القرامطة بالبحرين، يعرف بأبي سعيد الجنابي، وكثر جمعه، وقتل جماعة بالقطيف، وبتلك القرى. وفيها توفي المبرد، وهو أبو العباس محمد بن عبد الله بن زيد، وكان إِماماً في النحو واللغة، وله التصانيف المشهورة، منها: كتاب الكامل، والروضة، والمقتضب، وغير ذلك، أخذ العلم عن أبي عثمان المازني وغيره، وأخذ عنه نفطويه وغيره، وولد سنة سبع ومائتين، والمبرد لقب غلب عليه، قيل: إِنه كان عند بعض أصحابه، وأن صاحب الشرطة طلبه للمنادمة، فكره المبرد المسير إِليه، وألح الرسول في طلبه، وكان هناك مزملة لتبريد الماء فارغة، فدخل المبرد واختفى في غلاف تلك المزملة، ودخل رسول صاحب الشرطة في تلك الدار، وفتش على المبرد فلم يجده، فلما تركه ومضى، جعل صاحب الدار وكان يقال له أبو حاتم السجستاني، يصفق وينادي على المزملة: المبرد المبرد، وتسامع الناس بذلك، فلهجوا به، وصار لقباً على أبي العباس المذكور.

ثم دخلت سنة سبع وثمانين ومائتين في هذه السنة استولى إِسماعيل بن أحمد السلماني، صاحب ما وراء النهر على خراسان، بعد قتال، وأسر أمير خراسان، وهو عمرو بن الليث الصفار، ثم أرسله إِلى المعتضد ببغداد، فحبس عمرو بها، ولم يزل محبوساً حتى قُتل سنة تسع وثمانين ومائتين في الحبس. وفي هذه السنة سار محمد بن زيد العلوي صاحب طبرستان إِلى خراسان، لما بلغه أسر الصفار، ليستولي عليها، فجرى بينه وبين عسكر إسماعيل الساماني قتال شديد، ثم انهزم عسكر العلوي، وجرح جراحات عديدة، ثم مات محمد بن زيد العلوي صاحب طبرستان المذكور من تلك الجراحات، بعد أيام، وأسر ابنه زيد في الوقعة، وحمل إلى إسماعيل الساماني، فأكرمه ووسع عليه، وكانَ محمد بن زيد أديباً فاضلاً شاعراً، حسن السيرة، رحمه

<<  <  ج: ص:  >  >>