للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيس وعمرو بن العاص - عملاً به، وما لم يجدا في كتاب الله فبألسنة العادلة.

وأخذ الحكمان من علي ومعاوية ومن الجندين المواثيق، أنهما أمينان على أنفسهما وأهلهما، والأمة لهما أنصار على الذي يتقاضيان عليه، وأجلا القضاء إلى رمضان، من هذه السنة، وإن أحبا أن يؤخّرا ذلك أخراه. وكتب في يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت من صفر سنة سبع وثلاثين على أن يوافي علي ومعاوية موضع الحكمين، بدومة الجندل، في رمضان، فإِن لم يجتمعا لذلك، اجتمعا في العام المقبل بإِذرح.

ثم سار علي إلى العراق، وقدم إِلى الكوفة ولم تدخل الخوارج معه إِلى الكوفة؛ واعتزلوا عنه، ثم في هذه السنة، بعث علي للميعاد أربعمائة رجل، فيهم أبو موسى الأشعري وعبد الله بن عباس ليصلي بهم، ولم يحضر علي. وبعث معاوية عمرو بن العاص في أربعمائة رجل، ثم جاء معاوية، واجتمعوا بإِذرح وشهد معهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن الزبير، والمغيرة بن شعبة.

والتقى الحكمان؛ فدعى عمرو أبا موسى إِلى أن تجعل الأمر إِلى معاوية، فأبى وقال: لم أكن لأوليه وأدع المهاجرين الأولين، ودعى أبو موسى عمر، إِلى أن يجعل الأمر إِلى عبد الله بن عمر بن الخطاب، فأبى عمرو، ثم قال عمرو: ما ترى أنت؟ فقال أرى أن نخلع علياً ومعاوية؛ ونجعل الأمر شورى بين المسلمين، فأظهر لهم عمرو أن هذا هو الرأي؛ ووافقه عليه.

ثم أقبلا إِلى الناس وقد اجتمعوا، فقال أبو موسى: إِن رأينا قد اتفق على أمر نرجو به صلاح هذه الأمة. فقال عمرو: تقدّم فتكلم يا أبا موسى. فلما تقدّم لحقه عبد الله بن عباس وقال: ويحك والله إِني أظن أنه خدعك إن كنتما قد اتفقتما على أمر فقدمه قبلك. فإِني لا آمن أن يخالفك. فقال أبو موسى: إِنا قد اتفقنا فحمد الله وأثنى عليه وقال: أيها الناس إِنا لم نر أصلح لأمر هذه الأمة من أمر قد اجتمع عليه رأيي ورأي عمرو، وهو أن نخلع علياً ومعاوية، وتستقبل هذه الأمة هذا الأمر، فيولوا منهم من أحبوا وإِني قد خلعت علياً ومعاوية، فاستقبلوا أمركم وولوا عليكم من رأيتموه لهذا الأمر أهلاً.

ثم تنحى وأقبل عمرو فقام مقامه: فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه، وأثبت صاحبي فإنه ولي عثمان، والطالب بدمه، وأحق الناس بمقامه. فقال له أبو موسى: ما لك لا وفقك الله غدرت وفجرت.

وركب أبو موسى ولحق بمكة حياء من الناس، وانصرف عمرو وأهل الشام إلى معاوية فسلموا عليه بالخلافة، ومن ذلك الوقت أخذ أمر علي في الضعف، وأمر معاوية في القوة.

ولما اعتزلت الخوارج علياً دعاهم إِلى الحق؛ فامتنعوا وقتلوا كل من أرسله إِليهم، فسار إليهم وكانوا أربعة آلاف، ووعظهم ونهاهم عن القتل، فتفرقت منهم جماعة، وبقي مع عبد الله بن وهب جماعة على ضلالتهم، وقاتلوا فقتلوا عن آخرهم، ولم يقتل من أصحاب علي سوى سبعة أنفس، أولهم يزيد بن نويرة، وهو ممن شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة أُحد.

ولما رجع علي

<<  <  ج: ص:  >  >>