فما زال بي إِحسانهم وافتقادهم ... وبرهم حتى حسبتهم أهلي
ثم دخلت سنة اثنتين ومائة، فيها أعني في سنة اثنتين ومائة، توفي عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، أحد الفقهاء السبعة بالمدينة، وعبيد الله المذكور، هو ابن أخي عبد الله بن مسعود الصحابي، وهؤلاء الفقهاء السبعة، هم الذين انتشر عنهم الفقه والفتيا، وقد نظم بعض الفضلاء أسماءهم فقال:
ألا كُلّ من لا يقتدي بأئمة ... فقسمته ضيزى عن الحق خارجه
فخذهم عبيد الله عروة قاسم ... سعيد سليمان أبو بكر خارجه
ولنذكرهم على ترتيبهم في النظم، فأولهم عبيد الله المذكور، وكان من أعلام التابعين، ولقي خلقاً كثيراً من الصحابة.
الثاني عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد القرشي، أبوه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأم عروة أسماء بنت أبي بكر، وهي ذات النطاقين، وهو شقيق عبد الله بن الزبير، الذي تولى الخلافة، وتوفي عروة المذكور، في سنة ثلاث وتسعين للهجرة، وقيل أربع وتسعين، وكان مولده سنة اثنتين وعشرين.
الثالث قاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وكان من أفضل أهل زمانه، وأبوه محمد بن أبي بكر، الذي قتل بمصر على ما شرحنا.
الرابع سعيد بن المسيب بن حزن بن أبي وهب القرشي، جمع بين الحديث والفقه، والزهد والعبادة، ولد لسنتين مضتا من خلافة عمر، وتوفي في سنة إِحدى وقيل اثنتين، وقيل ثلاث، وقيل أربع وقيل خمس وتسعين.
الخامس سليمان بن يسار، مولي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن ابن عباس، وعن أبي هريرة، وأم سلمة، وتوفي في سنة سبع ومائة، وقيل غير ذلك، وعمره ثلاث وسبعون سنة.
السادس أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي القرشي، وكنيته اسمه، كان من سادات التابعين، وسمي راهب قريش، وجده الحارث، هو أخو أبي جهل بن هشام، وتوفي أبو بكر المذكور في سنة أربع وتسعين للهجرة، وولد في خلافة عمر بن الخطاب.
السابع خارجة بن زيد بن ثابت الأنصاري، وأبوه زيد بن ثابت من أكابر الصحابة، الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقه أفرضكم زيد. وتوفي خارجة المذكور، في سنة تسع وتسعين للهجرة، وقيل سنة مائة بالمدينة، وأدرك زمن عثمان ابن عفان، فهؤلاء السبعة هم المعروفون بفقهاء المدينة السبعة، وانتشرت عنهم الفتيا والفقه، وكان في زمانهم من هو في طبقتهم في الفضيلة، ولم يذكر معهم، مثل سالم ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وغيره، وتوفي سالم المذكور في سنة ست ومائة، وقيل غير ذلك، وكان من أعلام التابعيين أيضاً، وقد ذكر في موضع آخر وفاة بعض المذكورين، وإنما ذكرناهم جملة لأنه أقرب للضبط، ثم دخلت سنة ثلاث وسنة أربع وسنة خمس ومائة.