فرقة مع الإفشين خيذر ابن كاؤوس ميمنة، وفرقة مع أشناس ميسرة، وفرقة مع المعتصم في القلب، وبين كل فرقة وفرقة فرسخان، وأمرهم المعتصم بحريق القرى وتخريب بلاد الروم ففعلوا ذلك، حتى وصلوا إِلى عمورية، فأول من قدمها أشناس، ثم المعتصم، ثم الإفشين، فأحدقوا بها، وكان نزوله عليها لست خلون من رمضان، من هذه السنة، وأقام عليها المنجنيقات، وجرى بين المسلمين والروم عليها قتال شديد يطول شرحه، وآخره أن المسلمين خربوا في السور مواضع بالمنجنيق، وهاجموا البلد وقتلوا أهله، ونهبوا الأموال والنساء، وأقبل الناس بالسبي والأسرى إِلى المعتصم، من كل جهة، وأمر بعموربة فهدمت، وأحرقت، وكان مقامه على عمورية خمسة وخمسين يوماً، ثم ارتحل
راجعاً إِلى الثغور، فلما كان في أثناء الطريق، بلغ المعتصم أن العباس بن المأمون قد بايعه جماعة من القواد وهو يريد أن يثب عليه، ويأخذ الخلافة منه، فدعا المعتصم بالعباس بن المأمون، وأمسكه. وسلمه إِلى الافشين خيذر، فلما وصل إِلى منبج طلب العباس الطعام، فأكل ومُنع الماء حتى مات بمنبج، فصلى عليه بعض أخوته وأتم المعتصم سيره حتى دخل سامراء.
وفيها أعني سنة ثلاث وعشرين ومائتين، توفي ملك إِفريقية زيادة الله إِبراهيم بن الأغلب، وتولى بعده أخوه أبو عقال الأغلب بن إِبراهيم بن الأغلب.
ثم دخلت سنة أربع وعشرين ومائتين في هذه السنة مات إِبراهيم المهدي في رمضان، وصلى عليه المعتصم.
وفيها مات أبو عبيد القاسم بن سلام الإمام اللغوي، وكان عمره سبعاً وستين سنة.
ثم دخلت سنة خمس وعشرين ومائتين في هذه السنة توفي أبو دلف وعلي بن محمد المدايني المشهور.
ثم دخلت سنة ست وعشرين ومائتين في هذه السنة غضب المعتصم على الإفشين خيذر بن كاؤوس، وحبسه حتى مات في حبسه، وأُخرج فصُلب، أُحرقت جثته، والإفشين هو الذي قاتل بابك المجوسي، الذي استولى على جبال طبرستان مدة عشرين سنة، وعظم أمره، وهزم عدة مرار عساكر المعتصم، حتى انتدب له المعتصم الإفشين المذكور، فجرى له معه قتال شديد، في مدة طويلة، انتصر الإفشين وأخذ مدينة بابك البذ، وأسر بابك، وأحضره إِلى المعتصم، فقتله والإفشين خيذر المذكور بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء المثناة من تحتها والذال المعجمة وفي آخرها راء مهملة.
وفي هذه السنة توفي الهذيل محمد بن الهذيل بن عبد الله العلاف البصري شيخ المعتزلة وزاد عمره على مائة سنة.
وفيها توفي أبو عقال الأغلب بن إِبراهيم بن الأغلب، وتولى بعده أخوه أبو العباس محمد بن إِبراهيم بن الأغلب، فكانت ولاية الأغلب سنتين وتسعة أشهر. ثم دخلت سنة سبع وعشرين ومائتين.
وفاة المعتصم وفيها توفي أبو إِسحاق محمد المعتصم بن هارون الرشيد، لثماني عشرة مضت من ربيع الأول