للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مني، ومات الموفق يوم الأربعاء، لثمان بقين من صفر، من هذه السنة، وكان الموفق قد بويع له بولاية العهد، بعد المفوض بن المعتمد، فلما مات الموفق، اجتمع القواد وبايعوا ابنه أبا العباس المعتضد بن الموفق، بولاية العهد بعد المفوض، واجتمع عليه أصحاب أبيه وتولى ما كان أبوه يتولاه.

ابتداء أمر القرامطة وفي هذه السنة تحرك بسواد الكوفة، قوم يعرفون بالقرامطة، وكان الشخص الذي دعاهم إِلى مذهبه ودينه قد مرض بقرية من سواد الكوفة، فحمله رجل من أهل القرية، يقال له كرميته، لحمرة عينيه، وهو بالنبطية اسم لحمرة العين، فلما تعافى شيخ القرامطة المذكور، سمي باسم ذلك الرجل، ثم خفف فقالوا قرمط، ودعا قوماً من أهل السواد والبادية، ممن ليس لهم عقل ولا دين إِلى دينه، فأجابوا إِليه، وكان ما دعاهم إِليه، أنه جاء بكتاب فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، يقول الفرج بن عثمان، وهو من قرية يقال لها نصرانة إِنه داعية المسيح، وهو عيسى، وهو الكلمة، وهو المهدي، وهو أحمد بن محمد بن الحنفية، وهو جبريل، وإن المسيح تصور في جسم إِنسان وقال: إِنك الداعية، وإنك الحجة، وإنك الدابة، وإنك يحيى بن زكريا، وإنك روح القدس. وعرفه أنّ الصلاة أربع ركعات، ركعتان قبل طلوع الشمس، وركعتان قبل غروبها، وأن الأذان في كل صلاة أن يقول المؤذن: الله أكبر ثلاث مرات، أشهد أن لا إِله إِلا الله مرتين، أشهد أن آدم رسول الله، أشهد أن نوحاً رسول الله، أشهد أن إِبراهيم رسول الله، أشهد أن عيسى رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن أحمد بن محمد بن الحنفية رسول الله، والقبلة إِلى بيت المقدس، وأن الجمعة يوم الاثنين، لا يعمل فيها شيئاً، ويقرأ في كل ركعة الاستفتاح، وهو المنزل على أحمد بن محمد بن الحنفية، وهو الحمد لله بكلمته، وتعالى باسمه، المنجد لأوليائه بأوليائه، قل إِن الأهلة مواقيت للناس، ظاهرها ليعلم عدد السنين، والحساب والشهور والأيام، وباطنها لأوليائي الذين عرفوا عبادي سبيلي، واتقوني يا أولي الألباب، وأنا الذي لا أُسأل عما أفعل، وأنا العليم الحليم، وأنا الذي أبلو عبادي وأمتحن خلقي، فمن صبر على بلائي ومحبتي واختياري، أدخلته في جنتي وأخلدته في نعيمي، ومن زال عن أمري، وكذب رسلي، أخلدته مهاناً في عذابي، وأتممت أجلي وأظهرت أمري على ألسنة رسلي، وأنا الذي لم يعل جبار إِلا وضعته، ولا عزيز إِلا ذللته، وبئس الذي أصر على أمره، ودام على جهالته، وقال: لن نبرح عليه عاكفين، وبه موقنين، أولئك هم الكافرون، ثم يركع. ومن شرائعه أن يصوم يومين من السنة، وهما المهرجان والنيروز، وأن النبيذ حرام، والخمر حلال، ولا غسل من جنابة، لكن الوضوء كوضوء الصلاة، وأن يؤكل كل ذي ناب وكل ذي مخلب.

ثم دخلت سنة تسع وسبعين ومائتين في هذه السنة خلع المعتمد ابنه جعفر المفوض ابن المعتمد من ولاية العهد، وجعل المعتضد ابن أخيه ولي العهد بعده.

<<  <  ج: ص:  >  >>