للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعسكر ضخم، تقدير أربعين ألفاً، وكانت القرامطة ألفاً وخمس مائة رجل، منهم سبع مائة فارس، وثمان مائة راجل، فلما رآهم أبو الساج احتقرهم، وقال: صدروا الكتب إِلى الخليفة بالفتح، فهؤلاء في يدي، واقتتلوا، فحملت القرامطة، فانهزم عسكر الخليفة، وأخذ يوسف بن أبي الساج مقدم العسكر أسيراً، ثم قتله أبو طاهر القرمطي، واستولى على الكوفة، وأخذ منها شيئاً كثيراً ثم جهز المقتدر إِلى القرامطة مؤنساً الخادم في عساكر كثيرة، فانهزم أكثر العسكر منهم قبل الملتقى، ثم التقوا، فانهزمت عساكر الخليفة، ووقع الجفل في بغداد خوفاً من القرامطة، ونهب القرامطة غالب البلاد الفراتية، ثم عادوا إلى هجر بالغنائم.

غير ذلك من الحوادث في هذه السنة، ظفر عبد الرحمن الناصر بن محمد الأموي صاحب الأندلس، بأهل طليطلة، بعد حصارها مدة، لخلافهم عليه، وأخرب كثيراً من عمارتها.

ثم دخلت سنة ست عشرة وثلاثمائة في هذه السنة دخلت القرامطة إِلى الرحبة، فنهبوا وسبوا ثم ساروا إِلى الرقة، فنهبوا ربضها، ثم ساروا إِلى سنجار فنازلوها، وطلب أهلها الأمان فأمنوهم، ثم نهبوا الجبال وغيرها من البلاد، وعادوا إِلى هجر. وفي هذه السنة عزل المقتدر علي بن عيسى الوزير، وقبض عليه، وولى الوزارة أبا علي بن مقلة.

ابتداء أمر مرداويج وكان قد استولى على جرجان، أسفار بن شيرويه، سنة خمس عشرة وثلاثمائة وكان في أصحاب أسفار، قائد من أكبر قواده، يقال له مرداويج بن زيار، من الديلم. فخرج مرداويج على أسفار، بعد أن بايع غالب العسكر في الباطن، فهرب أسفار، فطلبه مرداويج فأدركه وقتله، وابتدأ مرداويج في ملك البلاد من هذه السنة، فملك قزوين، ثم ملك الري، وهمدان، وكنكور، والدينور، وبروجرد، وقم، وقاشان، وأصفهان، وجرباذقان، وعمل له سريراً من ذهب، يجلس عليه، ويقف عسكره صفوفاً بالبعد عنه، ولا يخاطبه أحد إِلا الحجاب، الذين قد رتبهم لذلك، ثم استولى مرداويج على طبرستان.

غير ذلك في هذه السنة، وصل الدمستق في جيش كبير من الروم، وحصر أخلاط، فطلبوا الصلح، فأجابهم على أن يقلع منبر الجامع، ويعمل موضعه صليباً، فأجابوا إِلى ذلك، وأخرجوا المنبر وجعلوا مكانه الصليب، ورحل إِلى بدليس، ففعل بهم كذلك، والدمستق اسم للنائب على البلاد التي في شرقي خليج قسطنطينية. وفيها مات يعقوب بن إسحاق بن إِبراهيم الإسفراييني، وله مسند مخرج على صحيح مسلم.

وكنيته أبو عوانة الحافظ، طاف البلاد في طلب الحديث، سمع مسلم بن الحجاج صاحب الصحيح، وغيره من أئمة الحديث.

ثم دخلت سنة سبع عشرة وثلاثمائة.

<<  <  ج: ص:  >  >>