سنتين وثمانية أشهر وأياماً. ولما قتل بجكم سار البريدي إِلى بغداد واستولى على الأمر أياماً، ثم أخرجه العامة عنها لسوء سيرته، ثم استولى على الأمر كورتكين مدة قليلة، فسار ابن رائق من الشام إلى بغداد، واستخلف على الشام أبا الحسن أحمد بن علي بن مقاتل ولما وصل ابن رائق إِلى بغداد جرى بينه وبين كورتكين قتال، آخره أن ابن رائق انتصر على كورتكين وهزمه، ثم ظفر بعد ذلك ابن رائق بكورتكين وحبسه، وقلد المتقي لابن رائق إِمرة الأمراء ببغداد.
غير ذلك من الحوادث فيها توفي متى بن يونس، الحكيم الفيلسوف، وبختيشوع بن يحيى الطبيب.
ثم دخلت سنة ثلاثين وثلاثمائة.
استيلاء ابن البريدي علي بغداد وقتل ابن رائق في هذه السنة، عاد البريدي فاستولى على بغداد، وهرب ابن رائق والخليفة المتقي إِلى جهة الموصل، ونهب البريدي بغداد، وحصل منه من الجور والظلم والعسف ما لا زيادة عليه، ولما وصل المتقي وابن رائق إلى تكريت، كاتبا ناصر الدولة ابن حمدان يستمدانه، وقدما إِلى الموصل، فخرج عنها ناصر الدولة إِلى الجانب الآخر، فأرسل المتقي إِليه ابنه أبا منصور، وابن رائق، فأكرمهما ناصر الدولة، ونثر على ابن الخليفة دنانير، ولما قاما لينصرفا، أمر ناصر الدولة أصحابه بقتل ابن رائق فقتلوه. ثم سار ابن حمدان إِلى المتقي، فخلع المتقي عليه وجعله أمير الأمراء، ولك في مستهل شعبان من هذه السنة، وخلع على أخيه أبي الحسن علي، ولقبه سيف الدولة، وكان قتل ابن رائق يوم الاثنين، لسبع بقين من رجب من هذه السنة، أعني سنة ثلاثين وثلاثمائة، ولما بلغ الأخشيد صاحب مصر قتل ابن رائق، سار إلى دمشق، فاستولى عليها. ثم سار المتقي وناصر الدولة إِلى بغداد، فهرب عنها ابن البريدي، ونهب الناس بعضهم بعضاً ببغداد، وكان مقام ابن البريدي ببغداد ثلاثة أشهر وعشرين يوماً، ودخل المتقي إِلى بغداد ومعه بنو حمدان في جيوش كثيرة في شوال من هذه السنة. ولما استقر ناصر الدولة ببغداد، أمر بإِصلاح الدنانير، وكان الدينار بعشرة دراهم، فبيع الدينار بثلاثة عشر درهماً.
غير ذلك من الحوادث فيها مات أبو بكر محمد بن عبد الله المحاملي الفقيه الشافعي، ومولده سنة خمس وثلاثين ومائتين. وفيها توفي أبو الحسن علي بن إِسماعيل بن أبي بشر الأشعري، وكان مولده سنة ستين ومائتين ببغداد، ودفن بمشرعة الزوايا ثم طمس قبره خوفاً عليه، لئلا تنبشه الحنابلة وتحرقه، فإنهم عزموا على ذلك مراراً عديدة، ويردهم السلطان عنه. وهو من ولد أبي