للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وصبية، وغنموا ما لا يوصف كثرة، فلما لم يبق معهم ظهر يحمل الغنائم، أمر الدمستق فأحرقوا ما بقي بعد ذلك، وأقام الدمستق تسعة أيام ثم ارتحل عائداً إِلى بلاده ولم ينهب قرايا حلب، وأمرهم بالزراعة ليعود من قابل إِلى حلب في زعمه.

غير ذلك من الحوادث وفي هذه السنة استولى ركن الدولة بن بويه على طبرستان وجرجان. وفيها كتب عامة الشيعة بأمر معز الدولة على المساجد، ما هذه صورته لعن الله معاوية بن أبي سفيان، ولعن من غصب فاطمة فدكا، ومن منع أن يدفن الحسن عند قبر جده، ومن نفى أبا ذر الغفاري، ومن أخرج أبا العباس عن الشورى.

فلما كان من الليل حكه بعض الناس، فأشار الوزير المهلبي على معز الدولة أن يكتب موضع المحي لعن الله الظالمين لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يذكر أحد في اللعن إِلا معاوية، ففعل ذلك. وفي هذه السنة في ذي القعدة سارت جيوش المسلمين إِلى صقلية، ففتحوا طبرمين، وهي من أمنع الحصون وأشدها على المسلمين بعد حصار سبعة أشهر ونصف، وسميت طبرمين المعزية نسبة إِلى المعز العلوي. وفيها فتحت الروم حصن دلوك بالسيف وثلاثة حصون مجاورة له.

وفي هذه السنة في شوال أسرت الروم أبا فراس الحارث بن سعيد بن حمدان من منبج، وكان متقلداً بها. وفيها توفي أبو بكر محمد بن الحسن النقاش المقري، صاحب كتاب شفاء الصدور.

ثم دخلت سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة في هذه السنة توفي الوزير المهلبي أبو محمد، وكانت مدة وزارته ثلاث عشرة سنة وثلاثة أشهر، وكان كريماً عاقلاً ذا فضل. وفيها في عاشر المحرم أمر معز الدولة الناس أن يغلقوا دكاكينهم، وأن يظهروا النياحة، وأن يخرج النساء منشورات الشعور، مسودات الوجوه قد شققن ثيابهن ويلطمن وجوههن، على الحسين بن علي رضي الله عنهما، ففعل الناس ذلك. ولم يقدر السنية على منع ذلك لكثرة الشيعة، والسلطان معهم. وفيها عزل ابن أبي الشوارب عن القضاء. وأَبطل ما كان التزم به من الضمان. وفيها قتل الروم ملكهم، وملكوا غيره، وصار ابن شمشقيق دمستقاً، وفيها في ثامن ذي الحجة، أمر معز الدولة بإِظهار الزينة في البلد والفرح، كما يفعل في الأعياد، فرحاً بعيد غد يرخم، وضربت الدبادب والبوقات.

ثم دخلت سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة في هذه السنة سار معز الدولة واستولى على الموصل ونصيبين، بعد أن انهزم ناصر الدولة من بين يديه، ثم وقع بينهما الاتفاق، وضمن ناصر الدولة الموصل بمال ارتضاه معز الدولة، فرحل معز الدولة ورجع إلى بغداد.

ثم دخلت سنة أربع وخمسين وثلاثمائة وفي هذه السنة سار ملك الروم إِلى المصيصة، فحاصرها وفتحها عنوة بالسيف، يوم السبت ثالث عشر رجب، ووضع السيف في أهلها، ثم رفع السيف وأخذ من بقي أسرى، ونقلهم إِلى بلد الروم، وكان أهلها

<<  <  ج: ص:  >  >>