اختلاف أولاد ناصر الدولة وموت أبيهم كان أبو تغلب وأبو البركات، وأختهما فاطمة، أولاد ناصر الدولة، من زوجته فاطمة بنت أحمد الكردية، وكانت مالكة أمر ناصر الدولة، فاتفقت مع ابنها أبي تغلب، وقبضوا على ناصر الدولة على ما ذكرناه، وكان لناصر الدولة ابن آخر اسمه حمدان، كان ناصر الدولة قد أقطعه الرحبة وماردين وغيرهما، فلما قبض ناصر الدولة، كاتب ابنه حمدان يستدعيه، ليتقوى به على المذكورين، فظفر أولاده بالكتاب، فخوفوا أباهم وحذروه، وبلغ ذلك حمدان، فعادى أخوته، وكان أشجعهم، ولما خاف أبو تغلب من أبيه ناصر الدولة، نقله إِلى قلعة كواشي، وحبسه بها، وبقي ناصر الدولة محبوساً بها شهوراً، ومات ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان بن حمدون بن الحارث بن لقمان التغلبي المذكور، بقلعة كواشي، في ربيع الأول من هذه السنة، ووقع بين حمدان بن ناصر الدولة، وبين أخويه أبي تغلب وأبي بركات حروب كثيرة، قتل فيها أبو البركات، قتله أخوه حمدان. ثم قوي أبو تغلب على أخيه حمدان وطرده عن بلاده، واستولى عليها، وكان يلقب أبو تغلب بن ناصر الدولة المذكور، عدة الدولة الغضنفر أبا تغلب.
ما فعله الروم بالشام في هذه السنة دخل ملك الروم إِلى الشام، ولم يمنعه أحد، فسار في البلاد إلى طرابلس، وفتح قلعة عرقة بالسيف، ثم قصد حمص، وقد أخلاها أهلها، فأحرقها ورجع إِلى بلاد الساحل، فأتى عليها نهباً وتخريباً، وملك ثمانية عشر منبراً، وأقام في الشام شهرين، ثم عاد إِلى بلاده، ومعه من الأسرى والغنائم ما يفوق الحصر.
استيلاء قرعويه على حلب في هذه السنة استولى قرعويه غلام سيف الدولة على حلب، وأخرج ابن أستاذه أبا المعالي شريف بن سيف الدولة بن حمدان منها، فسار أبو المعالي إِلى عند والدته بميافارقين، وأقام عندها، ثم جرى بينهما وحشة، ثم اتفقا بعدها، ثم سار أبو المعالي فعبر الفرات وقصد حماة وأقام بها. وفي هذه السنة طلب سابور بن أبي طاهر القرمطي من أعمامه، أن يسلموا الأمر إِليه، فحبسوه ثم أخرج ميتاً في منتصف رمضان.
ثم دخلت سنة تسع وخمسين وثلاثمائة.
ما ملكه الروم من البلاد في هذه السنة، سارت الروم إِلى الشام، ففتحوا إنطاكية بالسيف، وقتلوا أهلها، وغنموا وسبوا، ثم قصدوا حلب، وقد تغلب عليها قرعويه، غلام سيف الدولة بن حمدان، بعد طرد ابن أستاذه أبي المعالي عنها، فتحصن قرعويه بالقلعة، وملك الروم مدينة حلب وحصروا