للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الغفار الفارسي النحوي، صاحب الإِيضاح، وقد جاوز تسعين سنة، وقيل كان معتزلياً، ولد في مدينة فسا، واشتغل ببغداد، وكان إِمام وقته في علم النحو، ودار البلاد، وأقام بحلب عند سيف الدولة بن حمدان مدة، ثم انتقل إِلى بلاد فارس، وصحب عضد الدولة، وتقدم عنده، ومن تصانيفه كتاب التذكير، وهو كبير، وكتاب المقصور والمدود، وكتاب الحجة في القراءات، وكتاب العوامل المائة، وكتاب المسائل الحلبيات، وغير ذلك.

ثم دخلت سنة سبع وسبعين وثلاثمائة ودخلت سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة فيها سير العزيز صاحب مصر العلوي، عسكراً مع القائد منير الخادم إِلى دمشق، ليعزل بكجور، عنها، ويتولاها، فلما قرب منها خرج بكجور وقاتله عند داريا، ثم انهزم بكجور، ودخل البلد، وطلب الأمان، فأجابه منير إِلى ذلك، فسار بكجور إلى الرقة، فاستولى عليها، واستقر منير في إِمارة دمشق، وأحسن السيرة في أهلها. وفي هذه السنة في المحرم، أهدى الصاحب بن عباد، ديناراً وزنه ألف مثقال، إِلى فخر الدولة علي بن ركن الدولة حسن وعلى الدينار مكتوب:

وأحمر يحكي الشمس شكلاً وصورة ... فأوصافها مشتقة من صفاتهِ

فإن قيل دينارٌ فقد صدق اسمه ... وإن قيل ألف فهو بعضُ سماته

بديعٌ ولم يطبعْ على الدهرِ مثلهُ ... ولا ضربتَ أضرابه لسراتهَ

وصار إِلى شاهان شاه انتسابُهُ ... على أنه مستصغرُ لعفاتهِ

يخبر أن يبقى سنيناً كوزنه ... لتستبشر الدنيا بطول حياتهِ

وفي هذه السنة توفي أبو حامد محمد بن محمد بن أحمد بن إِسحاق الحاكم النيسابوري صاحب التصانيف المشهورة.

ثم دخلت سنة تسع وسبعين وثلاثمائة وفيها أرسل شرف الدولة، محمد الشيرازي، ليسمل أخاه صمصام الدولة المرزبان، فوصل إِلى القلعة التي بها صمصام الدولة محبوساً بعد موت شرف الدولة، وسمل صمصام الدولة فأعماه.

وفاة شرف الدولة في هذه السنة في مستهل جمادى الآخرة، توفي الملك شرف الدولة أبو الفوارس شيرزيك بن عضد الدولة بالاستسقاء، وحمل إِلى مشهد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فدفن به، وكانت إِمارته بالعراق سنتين وثمانية أشهر، وكان عمره ثمانياً وعشرين سنة وخمسة أشهر، ولما مات استقر في الإمارة موضعه أخوه أبو نصر بهاء الدولة، وقيل اسمه خاشاذ بن عضد الدولة، وخلع عليه الطائع وقلده السلطنة.

الفتنة ببغداد وفي هذه السنة، وقعت الفتنة أيضاً بين الأتراك والديلم، ودام القتال بينهم خمسة أيام وبهاء الدولة في داره، يراسلهم في الصلح فلم يسمعوا، ودام ذلك بينهم اثني عشر يوماً، ثم صار بهاء

<<  <  ج: ص:  >  >>