بن حمود، وأمسك عمه القاسم بن حمود وحبسه، حتى مات القاسم في الحبس، بعد موت يحيى.
ولما جرى ذلك خرج أهل إِشبيلية عن طاعة القاسم، وابن أخيه يحيى، وقدموا عليهم قاضي إِشبيلية أبا القاسم محمد بن إِسماعيل بن عباد اللخمي، وبقي إِليه أمر إشبيلية وكانت ولاية القاسم بن حمود بقرطبة إِلى أن أمسك وحبس ثلاثة أعوام، وشهوراً، وبقي محبوساً إِلى أن مات سنة إِحدى وثلاثين وأربعمائة وقد أسنّ.
ثم أقام أهل قرطبة رجلاً من بني أمية اسمه عبد الرحمن بن هشام بن عبد الجبار بن عبد الرحمن الناصر، ولقب عبد الرحمن المذكور المستظهر بالله وهو أخو المهدي محمد بن هشام، وبويع في رمضان، وقتلوه في ذي القعدة، كل ذلك في سنة أربع عشرة وأربعمائة، ولما قتل المستظهر، بويع بالخلافة محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله بن عبد الرحمن الناصر، ولقب محمد المذكور المستكفي، ثم خلع المستكفي المذكور بعد سنة وأربعة أشهر، فهرب وسم في الطريق فمات.
ثم اجتمع أهل قرطبة على طاعة يحيى بن علي بن حمود العلوي، وكان بمالقة، يخطب له بالخلافة، ثم خرجوا عن طاعته في سنة ثماني عشرة وأربعمائة، وبقي يحيى كذلك مدة، ثم سار من مالقة إِلى قرمونة. وأقام بها محاصراً لإشبيلية وخرجت للقاضي أبا القاسم بن عباد خيل، وكمن بعضهم، فركب يحيى لقتالهم، فقتل في المعركة، وكان قتل يحيى المذكور في المحرم سنة سبع وعشرين وأربعمائة.
ولما خلع أهل قرطبة طاعة يحيى كما ذكرنا، بايعوا لهشام بن محمد بن عبد الملك بن عبد الرحمن الناصر الأموي ولقبوه بالمعتد بالله، وكان ذلك في سنة ثماني عشرة وأربعمائة حسبما ذكرنا، وجرى في أيامه فتن وخلافات من أهل الأندلس يطول شرحها، حتى خلع هشام المذكور سنة اثنتين وعشرين وأربعمائة، وسار هشام مخلوعاً إِلى سليمان بن هود الجذامي، فأقام عنده إِلى أن مات هشام سنة ثمان وعشرين وأربعمائة.
ثم أقام أهل قرطبة بعد هشام شخصاً من ولد عبد الرحمن الناصر أيضاً واسمه أمية، ولما أرادوا ولاية أمية، قالوا له: نخشى عليك أن تقتل فإن السعاد قد ولت عنكم يا بني أمية. فقال: بايعوني اليوم، واقتلوني غداً، فلم ينتظم له أمر، واختفى فلم يظهر له خبر بعد ذلك.
ثم إِن الأندلس اقتسمها أصحاب الأطراف والرؤساء، وصاروا مثل ملوك الطوائف، وأما قرطبة فاستولى عليها أبو الحسن بن جهور، وكان من وزراء الدولة العامرية، وبقي كذلك إِلى أن مات سنة خمس وثلاثين وأربعمائة، وقام بأمر قرطبة بعده ابنه أبو الوليد محمد بن جهور. وأما إِشبيلية فاستولى عليها قاضيها أبو القاسم محمد بن إِسماعيل بن عباد اللخمي، وهو من ولد النعمان بن المنذر ولما انقسمت مملكة الأندلس، شاع أن المؤيد هشام بن الحكم الذي اختفى خبره قد ظهر وسار إِلى قلعة رباح، وأطاعه أهلها، فاستدعاه ابن عباد إِلى إِشبيلية، فسار إليه، وقام بنصره، وكتب بظهوره إِلى ممالك الأندلس، فأجاب