ثم غلب عليهم الملك المكرم أحمد بن علي الصليحي، وملك زبيد وقتل سعيد بن نجاح في سنة إحدى وثمانين وأربعمائة، وقيل سنة ثمانين، ونصب رأسه مدة، ولما قتل سعيد في السنة المذكورة، هرب أخوه جياش إِلى الهند، وأقام جياش في الهند ستة أشهر، ثم عاد إِلى زبيد فملكها، في بقايا سنة إِحدى وثمانين المذكورة، وكان قد اشترى من الهند جارية هندية، فأقدمها معه وهي حبلى منه، فلما حصل في زبيد ولدت له ابنه الفاتك بمن جياش، وبقي المكرم في الجبال يوقع الغارات على بلاد جياش، ولم يبق له من القدرة على غير ذلك. ولم يزل جياش مالكاً لتهامة من اليمن، من سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، إِلى سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، فمات في أواخرها، وقيل إِن موته كان في سنة خمسمائة، وترك عدة أولاد منهم: الفاتك ابن الهندية، ومنصور، وإبراهيم، فتولى بعده ابنه فاتك بن جياش، وخالف عليه أخوه إبراهيم، ثم مات فاتك في سنة ثلاث وخمسمائة وخلف ولده منصوراً، فاجتمعت عليه عبيد أبيه فاتك وملكوه وهو دون البلوغ، فقصده عمه إِبراهيم وقاتله، فلم يظفر إِبراهيم بطائل، وثار في زبيد عم الصبي عبد الواحد بن جياش، وملك زبيد، فاجتمع عبيد فاتك على منصور واستنجدوا وقصدوا زبيد، وقهروا عبد الواحد، واستقر منصور بن فاتك في الملك بزبيد، ثم ملك بعد منصور بن فاتك، ولده فاتك بن منصور بن فاتك. ثم ملك بعد فاتك الأخير المذكور ابن عمه، واسمه أيضاً فاتك بن محمد بن فاتك بن جياش بن نجاح، مولى مرجان، في سنة إِحدى وثلاثين وخمسمائة، واستقر فاتك بن محمد المذكور في ملك اليمن، من السنة المذكورة، حتى قتله عبيد في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة وهو آخر ملوك اليمن من بني نجاح.
ثم تغلب على اليمن في سنة أربع وخمسين وخمسمائة، علي بن مهدي، على ما سنذكره إِن شاء الله تعالى.
ثم دخلت سنة ثلاث عشرة وأربعمائة فيها كان الصلح بين مشرف الدولة وأخيه سلطان الدولة، واستقر الحال على أن يكون العراق جميعه لمشرف الدولة وكرمان وفارس لسلطان الدولة. وفيها استوزر مشرف الدولة أبا الحسن بن الحسن الرخجي، ولقب مؤيد الملك، وامتدحه المهيار وغيره من الشعراء، وبنى مارستان بواسط، وجعل عليه وقوفاً عظيمة، وكان يسأل في الوزارة ويمتنع، فألزمه مشرف الدولة بها في هذه السنة.
وفيها توفي علي بن عيسى السكري. شاعر السنة وسمي بذلك لإكثاره من مدح الصحابة ومناقضته شعراء الشيعة، وفيها توفي عبد الله بن المعلم فقيه الإمامية، ورثاه المرتضى.
ثم دخلت سنة أربع عشرة وأربعمائة في هذه السنة استولى علاء الدولة أبو جعفر بن كاكوية على همذان وأخذها من صاحبها سماء الدولة أبي الحسن بن شمس الدولة، من بني بويه، ولما ملك علاء الدولة همذان، سار إِلى الدينور، فملكها، ثم ملك شابور خواشت، أيضاً وقْويت هيبته وضبط المملكة. وفي