وجماعة من أصحاب الرصد، وابتدأ أمراء السلطان الكبار بعمل مساكن لهم ببغداد، بحيث إذا قدموا إلى بغداد ينزلون فيها. فتفرق شملهم بالموت والقتل بعد ذلك عن قريب. وفيها توفي الأمير أرتق ابن أكسك التركماني، جد الملوك أصحاب ماردين، مالكاً للقدس منذ قدم إلى تنش حسبما تقدم ذكره، ولما توفي أرتق استقرت القدس لولديه إيلغازي وسقمان ابني أرتق، إلى أن سار الأفضل أمير الجيوش من مصر، وأخذ القدس منهما فسار إيلغازي وسقمان إلى الشرق، فكان منهما ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
ثم دخلت سنة خمس وثمانين وأربعمائة: استيلاء تنش على حمص وغيرها كان السلطان ملكشاه قد أمر أقسنقر بمساعدة أخيه تنش على ملك الشام، وما بأيدي خليفة مصر العلوي، من البلاد، فسار أقسنقر مع تنش، ونزل على حمص، بها صاحبها خلف بن ملاعب، فملك تنش حمص، وأمسك ابن ملاعب وولديه، ثم سار تنش إلى عزقة فملكها ثم سار إلى أفامية فملكها.
مقتل نظام الملك الحسن بن علي بن إسحاق
وسببه أنه حصل بين ملكشاه وبين نظام الملك وحشة، فلما كان عاشر رمضان من هذه السنة، بعد الإفطار، وهم بالقرب من نهاوند، وقد انصرف نظام الملك إلى خيمة حرمه، وثب عليه صبي ديلمي في صورة مستعط، وضرب نظام الملك بسكين فقضى عليه، وأدرك أصحاب نظام الملك ذلك الصبي فقتلوه، وحصل للعسكر بسبب مقتله شوشة، فركب السلطان وسكن العسكر، وكان نظام الملك قد كبر، فإن مولده سنة ثمان وأربعمائة، وكان قتله بتدبير من السلطان ملكشاه، ومات السلطان ملكشاه بعده بخمسة وثلاثين يوماً على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
وكان نظام الملك من أبناء الدهاقين بطوس، وماتت أم نظام الملك وهو رضيع فكان يطوف به والده على المرضعات فيرضعنه حسبة، ثم انتشأ نظام الملك وتعلم العربية، وسمع الحديث، ثم اشتغل بالأعمال السلطانية، ولم يزل الدهر يعلو به حتى خدم طغريل بك وصار وزيره، واستمر على وزارته، ولما صار الملك إلى ألب أرسلان كان نظام الملك مع ابنه ملكشاه بن ألب أرسلان، وقام بأمره حتى صارت السلطنة إلى ملكشاه، فبلغ نظام الملك من المنزلة ما لم يبلغه غيره من الوزراء، وقرب العلماء وبنى المدارس في سائر الأمصار، وأسقط المكوس وأزال لعن الأشعرية من المنابر، وكان قد فعله عميد الملك الكندري كما تقدم ذكره، وأوصافه كثيرة حسنة رحمه الله تعالى.
وفاة السلطان ملكشاه كان السلطان ونظام الملك قد سارا عن بغداد في العام الماضي إلى أصفهان فعادا من أصفهان