وأربعمائة، وكانت خلافته سبع سنين وقريب شهرين، وكان المدبر لدولته الأفضل بن بدر الجمالي أمير الجيوش، ولما توفي بويع بالخلافة لابنه أبي علي منصور، ولقب الآمر بأحكام الله، وكان عمر الآمر لما بويع خمس سنين وشهراً وأياماً، وقام بتدبير الدولة الأفضل بن بدر الجمالي المذكور.
ذكر الحرب بين بركيارق وأخيه محمد
كان بركيارق بواسط ومحمد ببغداد على ما تقدم ذكره، فلما سار محمد عن بغداد سار بركيارق من واسط إليه والتقوا بروذراور، وكان العسكران متقاربين في العدة فتصافوا ولم يجر بينهما قتال ومشى الأمراء بينهما في الصلح، فاستقرت القاعدة على أن يكون بركيارق هو السلطان ومحمد هو الملك، ويكون لمحمد من البلاد أذربيجان وديار بكر والجزيرة والموصل، وحلف كل واحد منهما لصاحبه، وتفرق الفريقان من المصاف رابع ربيع الأول من هذه السنة، ثم انتقض الصلح وسار كل منهما إلى صاحبه في جمادى الأولى، واقتتلوا عند الري وهو المصاف الرابع، فانهزم عسكر محمد ونهبت خزانته، ومضى محمد في نفر يسير إلى أصفهان وتتبع بركيارق أصحاب أخيه محمد فأخذ أموالهم، ثم سار بركيارق فحصر أخاه محمداً بأصفهان وضيق عليه، وعدمت الأقوات في أصفهان، ودام الحصار على محمد إلى عاشر ذي الحجة، فخرج محمد من أصفهان هارباً مستخفياً، وأرسل بركيارق خلفه عسكراً فلم يظفروا به، ثم رحل بركيارق عن أصفهان ثامن عشر ذي الحجة من هذه السنة وسار إلى همذان.
ذكر أحوال الموصل في هذه السنة مات كربوغا بخوي من أذربيجان، كان قد أمره بركيارق بالمسير إليها فمات في خوي في ذي القعدة، واستولى على الموصل موسى التركماني. وكان عاملاً لكربوغا على حصن كيفا فكاتبه أهل الموصل فسار وملك الموصل، وكان صاحب جزيرة ابن عمر رجلاً تركياً يقال له شمس الدولة جكرمش، فقصد الموصل واستولى في طريقه على نصيبين، فخرج موسى التركماني من الموصل إلى قتال جكرمش، فغدر بموسى عسكره وصاروا مع جكرمش، فعاد موسى إلى الموصل، وحصره جكرمش بها مدة طويلة، فاستعان موسى بسقمان بن أرتق، وكان سقمان بديار بكر، وأعطاه حصن كيفا، فاستمر الحصن لسقمان وأولاده إلى آخر وقت، فسار سقمان إليه، فرحل جكرش عن الموصل، وخرج موسى لتلقي سقمان، فوثب على موسى جماعة من أصحابه فقتلوه عند قرية تسمى كوانا ودفن على تل هناك يعرف بتل موسى إلى الآن ورجع سقمان إلى حصن كيفا، ثم عاد جكرمش صاحب الجزيرة إلى الموصل وحصرها، ثم تسلمها صلحاً، وملك جكرمش الموصل وأحسن السيرة فيها.