وأخرب الكنائس، وأحرق الإنجيل، وسار لليانوس إِلى قتال سابور، واجتمع مع لليانوس العرب، لما كان قد فعله فيهم سابور المذكور، وكان على مقدمة جيش لليانوس بطريق اسمه يونيانوس، وكان يونيانوس يسرُّ دين النصارى، ولم يرتد مع لليانوس إِلى عبادة الأصنام، وبسبب ذلك كان يكره لليانوس، فظفر بكشافة لسابور فأمسكهم وأخبروه بمكان سابور، وكان قد انفرد عن جيشه ليتجسس أخبار الروم، فأرسل يونيانوس يحذر سابور، وأعلمه أنه علم به وكان قادراً على إٍمساكه، فحمده سابور على ذلك ولحق بجيشه، ثم اقتتل لليانوس وسابور فانتصر لليانوس وانهزم سابور وجيشه، وقتلت الروم منهم، واستولى لليانوس على مدينة سابور، وهي طيسفون، وهي المعروفة بالمدائن.
ثم أرسل سابور واستنجد بالعساكر والملوك المجاورين لبلاده، ودفع عن طيفسون، واستمر لليانوس مقيماً ببلاد الفرس، وبقي سابور يسعى في الصلح معه، فبينما لليانوس جالس في فسطاطه، إِذ أصابه سهم غُربُ في فؤاده فقتله، فهال الروم ما نزل بهم من فقد ملكهم في بلاد عدوهم، فقصدوا يونيانوس في أن يتملك عليهم، فأبى ذلك وقال: لا أتملك على قوم يخالفوني في الدين، فقالوا: نحن نعود إلى الملة النصرانية، ونحن عليها، وإنما أظهرنا عبادة الأصنام خوفاً من لليانوس، فملك يونيانوس وصالح سابور، وسار إِليه في عدة يسيرة من أصحابه واجتمع يونيانوس وسابور واعتنقا وانتظم الصلح والمودة بينهما.
وسار يونيانوس بعساكر الروم عائد إِلى بلاده، واستمر سابور على ملكه حتى بعد اثنتين وسبعين سنة، وهي مدة ملكه، ومدة عمره، فيكون موت سابور لمضي سبعة أشهر من سنة خمس وسبعين وستمائة للإِسكندر.
ثم ملك بعده أخوه أزداشير بن هرمز أربع سنين بوصية من سابور له بالملك لأن سابور كان صغيراً، ومات في سنة تسع وسبعين وستمائة للإِسكندر.
ثم ملك بعده سابور بن سابور ذي الأكتاف خمس سنينٍ وأربعة أشهر، وسلك سابور حسن سيرة أبيه، حتى سقط عليه فسطاط كان منصوباً عليه، فمات من ذلك فيكون هلاكه لمضي أحد عشر شهراً من سنة أربع وثمانين وستمائة للإسكندر.
ثم مَلكَ بعده أخوه بهرام بن سابور ذي الأكتاف، وهو الذي يُدعى كرمان شاه، لأنه كان على كرمان، وسلك السيرة الحسنة، وملك إِحدى عشرة سنة ومات مقتولاً، لأن جماعة من الفرس ثاروا عليه، وضربه واحد منهم بسهم فقتله، وكان هلاكه لمضي أحد عشر شهراً من سنة خمس وتسعين وستمائة للإسكندر.
ثم ملك بعده ابنه يزد جرد بن بهرام بن سابور، وكان يقال ليزدجر المذكور الأثيم والخشن، وملك إِحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر، وكان فظاً خشن الجانب لئيم الأخلاق، فسلك أقبح سيرة من الظلم والعسف وسفك الدماء، ورأى الفرس منه من الشر ما لم يعهدوه من آبائه، وصبروا عليه، وطالت