سنين وخمسة أشهر وأياماً. ووصى بالملك بعده لولده شمس الملوك إسماعيل، ووصى ببعلبك وأعمالها لولده شمس الدولة محمد، وكان توري شجاعاً سد مسد أبيه.
ولما استقر إسماعيل بن توري في ملك دمشق وأعمالها، واستقر أخوه محمد في ملك بعلبك، واستولى محمد على حصن الرأس وحصن اللبوة، وكاتب إسماعيل صاحب دمشق أخاه محمداً صاحب بعلبك في إعادتهما، فلم يقبل محمد ذلك، فسار إسماعيل وفتح حصن اللبوة، ثم حصن الرأس، وقرر أمرهما، ثم سار إلى أخيه محمد وحصره ببعلبك وملك المدينة، وحصر القلعة، فسأله محمد في الصلح فأجابه، وأعاد عليه بعلبك وأعمالها. واستقرت أمورهما، وعاد إسماعيل إلى دمشق مؤيداً منصوراً.
ثم دخلت سنة سبع وعشرين وخمسمائة.
فيها سار شمس الملوك إسماعيل بن توري صاحب دمشق على غفلة من الفرنج إلى حصن بانياس، فملك مدينة بانياس بالسيف، وقتل وأسر من كان بها، وحاصر قلعة بانياس وتسلمها بالأمان.
وفي هذه السنة جمع السلطان مسعود العساكر وانضم إليه ابن أخيه داود بن محمود، وسار السلطان مسعود إلى أخيه طغريل وجرى بينهما قتال شديد، انهزم فيه طغريل، واستولى مسعود على السلطنة، وتبع أخاه طغريل يطرده من موضع إلى موضع، حتى وصل إلى الري. واقتتلا ثانياً فانهزم طغريل أيضاً وأسر جماعة من أمرائه.
وفيها سار الخليفة المسترشد بعساكر بغداد، وحصر الموصل ثلاثة أشهر، وكان عماد الدين زنكي قد خرج من الموصل إلى سنجار، وحصن الموصل بالرجال والذخائر، ثم رحل الخليفة عن الموصل وعاد إلى بغداد ووصل إليها في يوم عرفة، ولم يظفر منها بطائل.
ذكر ملك شمس الملوك إسماعيل مدينة حماة وفي هذه السنة، سار إسماعيل بن توري صاحب دمشق من دمشق في العشر الآخر من رمضان إلى حماة، وهي لعماد الدين زنكي، من حين غدر بسونج بن توري وأخذها منه، حسبما تقدم ذكره في سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة فحصرها شمس الملوك إسماعيل، وقاتل من بها يوم عيد الفطر، وعاد ولم يملكها فلما كان الغد، بكر إليهم وزحف من جميع جوانب البلد فملكه عنوة، وطلب من به الأمان فأمنهم، وحصر القلعة ولم تكن إذ ذاك حصينة، فإنها حصنت فيما بعد، لأن تقي الدين عمر ابن أخي السلطان صلاح الدين، قطع جبلها وعملها على ما هي عليه الآن، في سنين كثيرة، فلما حصرها شمس الملوك إسماعيل، وعجز النائب بها عن حفظها، فسلمها إليه، فاستولى عليها وعلى ما بها من ذخائر وسلاح، وذلك في شوال من هذه السنة.، لما فرغ شمس الملوك إسماعيل من حماة، سار إلى شيزر وبها صاحبها من بني منقذ، فنهب بلدها وحصر القلعة، فصالحه صاحبها بمال حمله إليه، فعاد عنها وسار إلى دمشق، ووصل إليها في ذي القعدة من هذه السنة.