ودخل بغداد سنة عشر وخمسمائة، وكانت ولادته سنة سبع وستين وأربعمائة بشهرستان. وتوفي بها، وشهرستان اسم لثلاث مدن: الأولى شهرستان خراسان، بين نيسابور وخوارزم، عند أول الرمل المتصل بناحية خوارزم، وهي التي منها محمد الشهرستاني المذكور، وبناها عبد الله بن طاهر أمير خراسان. والثانية شهرستان بأرض فارس. والثالثة مدينة جي بأصفهان، يقال لها شهرستان، وبينها وبين اليهودية مدينة أصفهان نحو ميل، ومعنى هذه الكلمة مدينة الناحية بالعجمي، لأن شهر اسم المدينة راستان الناحية.
ثم دخلت سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
قتل الظافر وولاية ابنه الفائز
في هذه السنة في المحرم، قتل الظافر بالله أبو منصور إسماعيل ابن الحافظ لدين الله عبد المجيد العلوي، قتله وزيره عباس الصنهاجي، وسببه أنه كان لعباس ولد حسن الصورة، يقال له نصر، فأحبه الظافر وما بقي يفارقه، وكان قد قدم من الشام مؤيد الدولة أسامة بن منقذ الكناني، في وزارة العدل، فحسن لعباس قتل العادل، فقتله وتولى مكانه، ثم حسن لعباس أيضاً قتل الظافر، فإنه قال له: كيف تعبر على ما أسمع من قبيح القول؟ فقال له عباس: ما هو؟ فقال: إن الناس يقولون إن الظافر يفعل بابنك نصر. فأنف عباس، وأمر ابنه نصراً، فدعا الظافر إلى بيته وقتلاه، وقتلا كل من معه، وسلم خادم صغير فحضر إلى القصر وأعلمهم بقتل الظافر، ثم حضر عباس إلى القصر وطلب الاجتماع بالظافر، وطلبه من أهل القصر، فلم يجدوه، فقال: أنتم قد قتلتموه، فأحضر أخوين للظافر يقال لهما يوسف وجبريل، وقتلهما عباس المذكور أيضاً. ثم أحضر الفائز بنصر الله أبا القاسم عيسى بن الظافر إسماعيل ثاني يوم قتل أبوه، وله من العمر ثلاث سنين، فحمله عباس على كتفه وأجلسه على سرير الملك، وبايع له الناس، وأخذ عباس من القصر من الأموال والجواهر النفيسة شيئاً كثيراً، ولما فعل عباس ذلك، اختلفت عليه الكلمة، وثارت الجند والسودان، وكان طلائع بن رزيك في منية ابن خصيب، والياً عليها، فأرسل إليه أهل القصر من النساء والخدم يستغيثون به، وكان فيه شهامة، فجمع جمعه وقصد عباساً، فهرب عباس إلى نحو الشام بما معه من الأموال والتحف التي لا يوجد مثلها، ولما كان في أثناء الطريق، خرجت الفرنج على عباس المذكور فقتلوه وأخذوا ما كان معه، وأسروا ابنه نصراً وكان قد استقر طلائع بن رزيك بعد هرب عباس في الوزارة، ولقب الملك الصالح، فأرسل الصالح بن رزيك إلى الفرنج، وبذل لهم مالاً، وأخذ منهم نصر بن عباس وأحضره إلى مصر، وأدخل القصر، فقتل وصلب على باب زويلة، وأما أسامة ابن منقذ فإنه كان مع عباس، فلما قتل عباس هرب أسامة ونجا إلى الشام، ولما استقر أمر الصالح بن رزيك، وقع في الأعيان بالديار المصرية، فأبادهم بالقتل والهروب إلى البلاد البعيدة.